Get Mystery Box with random crypto!

إياك والقرآن والدين.. قال الطبري في تاريخه (8/349): 'وذكر أنه | معاً الى الجنة❤️

إياك والقرآن والدين..

قال الطبري في تاريخه (8/349): "وذكر أنه كان مع الرشيد ابن أبي مريم المدني، وكان مضحاكا له محداثا فكيها، فكان الرشيد لا يصبر عنه ولا يمل محادثته، وكان ممن قد جمع إلى ذلك المعرفة بأخبار أهل الحجاز وألقاب الأشراف ومكايد المجان، فبلغ من خاصته بالرشيد أن بوأه منزلا في قصره، وخلطه بحرمه وبطانته ومواليه وغلمانه، فجاء ذات ليلة وهو نائم وقد طلع الفجر، وقام الرشيد إلى الصلاة فألفاه نائما، فكشف اللحاف عن ظهره، ثم قال له: كيف أصبحت؟ قال: يا هذا ما أصبحت بعد، اذهب إلى عملك، قال: ويلك! قم إلى الصلاة، قال: هذا وقت صلاة أبي الجارود، وأنا من أصحاب أبي يوسف القاضي فمضى وتركه نائما، وتأهب الرشيد للصلاة، فجاء غلامه فقال: أمير المؤمنين قد قام إلى الصلاة، فقام فألقى عليه ثيابه، ومضى نحوه، فإذا الرشيد يقرأ في صلاة الصبح، فانتهى إليه وهو يقرأ: «وما لي لا أعبد الذي فطرني» فقال ابن أبي مريم: لا أدري والله! فما تمالك الرشيد أن ضحك في صلاته، ثم التفت اليه وهو كالمغضب، فقال: يا بن أبي مريم، في الصلاة أيضا! قال: يا هذا وما صنعت؟ قال: قطعت علي صلاتي، قال: والله ما فعلت، إنما سمعت منك كلاما غمني حين قلت: «وما لي لا أعبد الذي فطرني» فقلت: لا أدري والله! فعاد فضحك، وقال: إياك والقرآن والدين، ولك ما شئت بعدهما".

أقول: هذه القصة الله أعلم بصحتها وليست ببعيدة الوقوع بالجملة وإن حصل فيها بعض التغييرات من الرواة، وزمن الطبري ليس بعيداً جداً عن زمان هارون الرشيد.

وعلى كل حال القصة فيها عبرة، وأن الناس في ذلك الزمان تنبهوا لأمر توسع بعض المشتهرين بالدعابة حتى دخلوا بما يجعلهم يستهزئون بالدين وهم لا يشعرون.

فتأمل قول هارون: (إياك والقرآن والدين، ولك ما شئت بعدهما).

وهذا حاصل في زماننا، ومشاهد في كثير من أهل الدعابة أنه لا بد أن يدخل في واحدة من دعاباته أمراً دينياً يظهر فيه الانتقاص.

والذي ينبغي هو اتقاء هذا والبعد عنه أشد البعد، وذلك أن كثيراً من الزنادقة والمنافقين استغلوا هذا وصاروا يتكلمون بهذا من باب إظهار أضغانهم وهم يوهمون الناس أنه مزاح كغيره، فيذهبون هيبة الدين من القلوب شيئاً فشيئاً.