Get Mystery Box with random crypto!

​• الطريقة نفسها مازالت تستخدم ولكن بأدوات مختلفة    ‏'يح | اقتباسات

​•
الطريقة نفسها مازالت تستخدم ولكن بأدوات مختلفة


   ‏"يحكي المرحوم الأستاذ خالد محمد خالد في مذكراته (قصتي مع الحياة)، أنه في بداية عهده بالكتابة كان كاتبا مغمورا، وكان يميل إلى الفكر الاشتراكي والعلماني، فألف كتابا بعنوان "من هنا نبدأ"، ينتقد فيه الأزهر وعلماء الدين ويطرح قضايا مثيرة، وطبعه على نفقته بإمكانيات متواضعة جدا في مطبعة مغمورة، ولما ذهب به إلى توزيع الأهرام؛ استقلَّت عدد النسخ ١٥٠٠ نسخة، وأراد أن يعلن عن الكتاب، وهو مفلس ، فساعده صديق بإعلان صغير في صحيفة "المصري" لم يعره أحد أي انتباه، وكان كل يوم يتابع سوق التوزيع فيعود محبطا، لأنه تقريبا لم يبع نسخة واحدة.

    وفي ليلة، تفتق ذهنه عن حيلة، يقول أنه تعلمها من "برنارد شو" ، فاجتمع مع صديق له كان طالبا في السنة النهائية بدار العلوم اسمه "محمد حسن البري" ، وطلب منه أن يكتب مقالا عنيفا يشتم فيه الكتاب ومؤلفه ويهاجمه بضراوة ، فسأله : لماذا ؟
قال له : بعد ذلك ستعرف .

    يقول خالد : جاءني البري في اليوم التالي وقد دبج المقال، فوجدته قد كال لي من الشتائم والوقاحات ما جعلني هممت بضربه، لكني ضحكتُ في النهاية، وقلت له : أنا طلبت أن تنقدَ الكتابَ لا أن تشتمني بكل هذه الوقاحات، ثم قال له ممازحًا : ما اتفقناش على كده يا بري !

لم يكن كاتب المقال ـ الذي يهجو خالد وكتابه ـ قد اهتدى لعنوانٍ للمقال، فأخذ خالد القلم وكتب بنفسه عنوان المقال الذي يهاجم فيه نفسه : "كتاب أثيم .. لعالم ضال" ، ثم ذهب به إلى الأستاذ "علي الغاياتي" صاحب مجلة "منبر الشرق" ، فاندهش الرجلُ، وقال أين الأزهر من هذا العدوان على الدين والعلم ؟ ، ثم نشر المقال ، فتتابعت في المجلة في الأسابيع التالية مقالات تهاجم الكتاب، لم يقرأ أصحابها الكتاب، ولكنهم استثيروا من المقال الأول، ثم طلب الأزهر التحقيق مع الكاتب، ثم وقعت ضجة كبرى في الصحافة والمنتديات، بين من تعاطف مع الكاتب ومع من يهاجمه، والكتاب الذي لم يبع منه نسخة واحدة، أصبحت طبعاته تنفذ من السوق خلال يومين أو ثلاثة ، طبعات بلا حصر، وانتشر الكتاب في مصر كلها ثم في الدول العربية والدول غير العربية، وأصبح حديث إذاعات عربية وأجنبية.

وفي ختام القصة يشتكي خالد من أن الناشرين هم الذين أكلوا العائد المادي من هذا الانتشار الرهيب للكتاب والطبعات الكثيرة جدا، وأنه لم ينله إلا فتات المال ، لكنه حقق شهرة لم يكن يحلم بها في حياته "
•°