2021-08-28 12:42:10
.
المجموعة الأولى قام ببساطة بربطها بلجام ثم أطلق سراحها بعد قليل.
أما المجموعتين الثانية والثالثة فأقرن كلب من كل مجموعة بكلب من المجموعة الأخرى في ثنائيات تتعرض لذات الصدمة الكهربية.
كانت الصدمات عشوائية في مدتها ووقتها، ولكن بجوار كل كلب منهم رافعة يمكنهم تعلم جذبها.
الرافعات بجوار كلاب المجموعة الثالثة لم تكن تعمل، مهما ضغط الكلب عليها لا تتوقف الصدمة الكهربية، ولكن الرافعات بجوار كلاب المجموعة الثانية كانت تعمل بكفاءة، كلما ضغط الكلب عليها توقفت الصدمة.
مع الوقت تعلم كلاب المجموعة الثانية إيقاف الصدمات، بينما تعلم كلاب المجموعة الثالثة ألا شيء يمكن أن يفعلوه يمكن أن يوقف الصدمة المؤلمة، والتي كانت تبدو لهم تتوقف في وقت عشوائي تمامًا (الوقت الذي كانت كلاب المجموعة الثانية تضغط فيه على روافعها).
في الجزء التالي من التجربة جمع فريق Martin Seligman كلاب المجموعات الثلاثة جميعًا في صندوق بسيط مكون من حجرتين بينهما حاجز.
في الحجرة الأولى يقوم بإمرار تيار كهربائي مؤلم، على الفور قام كلاب المجموعة الأولى (الذين لم يسبق لهم تعلم أي شيء) وكلاب المجموعة الثانية (الذين تعلموا السيطرة) بالقفز ببساطة فوق الحاجز إلى الحجرة الآمنة.
بينما كلاب المجموعة الثالثة ظلوا على حالهم رافضين للقفز! لم يتحركوا واستلقوا على أرضية الغرفة في استسلام عاجز للصدمة المؤلمة!
التجربة السابقة كانت تجربة رائدة تلتها مجموعة من التجارب لإثبات وبلورة واحدة من أشهر نظريات علم النفس المعرفي لتفسير السلوكيات السلبية لمرضى الاكتئاب والقلق الاجتماعي وضحايا سوء الإهمال والظروف المحبطة والتغيرات المفاجئة.
تدعى هذه النظرية بنظرية (العجز المتعلم) Learned Helplessness ويعني سلوك الكائن عندما يعاني من محفزات مؤلمة متكررة وبرغم ذلك يفشل في الاستجابة لها وتجنبها بالهرب أو بتحسين الأوضاع.
بمعنى آخر يتعلم الكائن أنه لا حول له ولا قوة! لقد فقد السيطرة تمامًا! لا يوجد شيء يمكنه القيام به للتحكم في مجريات الأمور مرة أخرى، ويستلقي على أرضية حجرته منتظرًا انتهاء الصدمة المؤلمة بدلًا من القفز ببساطة فوق الحاجز القصير.
لا يتعلق الأمر هنا بإنسان لا يريد أن يساعد نفسه، يتعلق بإنسان فقد الشعور بقدرته على مساعدة ذاته، فبالتالي يتخلى عن المحاولة.
مع استمرار تجارب العجز المتعلم توصلوا إلى نتيجة أكثر إثارة!
فبرغم أن العجز المتعلم بيولوجيًا، يرتبط بدارات عصبية في المخ، وهناك أبحاث لربطه بشكل مباشر بالسيروتونين، إلا أنه ما زال يرتبط بموقف واحد، مما لا يفسر السلوك السلبي العام الذي يعاني منه أصحاب المخ المضغوط Stressed brain disorder مثل بعض أصحاب أمراض الاكتئاب والقلق الاجتماعي.
ولتفسير هذا التعميم على المواقف المختلفة، فهناك وجهة نظر ربطت هذا التأثير بأسلوب الفرد التفسيري للأحداث السلبية الحاصلة له، بأن يعتبرها دائمة (لن تتغير أبدًا)، وشخصية (حدثت بسببي)، وعامة (لا أستطيع أن أفعل أي شيء آخر)!
أي أنه لم يكتفي بأن يتعلم العجز الواهم ولكنه عممه على جميع قدرات حياته غير ذات العلاقة!
وفي بحث بعنوان (التدريب، العجز المتعلم، والمخ المقاوم للضغوط) ذكر بنجامين جرينوود، ومونيكا فليشنر، أن التدريب كان يمنع الدارات العصبية الخاصة بالعجز المتعلم، مثل التجارب التي قامت على الفئران الذين كانوا يتحركون على العجلة فمنعهم ذلك من تطوير تعلم العجز من خلال تجارب شبيهة.
وفي ذات المقالة تحدثوا عن أنه لا يهم عدد مرات الحركة أو نوعها بقدر ما يهم مجرد وجودها، لارتباطها بالسيروتونين والتكيفات العصبية الأخرى في الدماغ المقاوم للضغوط.
بالمناسبة! ماذا كان رد فعل أصحاب التجربة على كلاب المجموعة الثالثة وهم يتألمون رافضين القفز البسيط مثل بقية كلاب المجموعتين الأولى والثانية؟
جربوا أن يهددوهم بالمزيد من الصعق إذا لم يقفزوا.. لم يفلح!
جربوا أن يستميلوهم بالطعام فقط إذا ققزوا.. لم يفلح!
جربوا أن يعرضوا أمامهم التجربة كاملة لكلاب تجنبت الصعق حين قفزت.. لم يفلح أيضًا!
لقد بدا لكلاب هذه المجموعة التي تعلمت العجز ألا شيء يمكن أن يعيد إليها ثقتها بقدرتها على السيطرة مرة أخرى واستسلمت للألم!
فقط كان هناك حل واحد.. قاموا برفع هذه الكلاب ذاتها وتحريك سيقانها فوق الحاجز وتقفيزها بأنفسهم! وهنا وبعد مرتين فقط من التدريب، نجحت الكلاب في القفز وتم تلاشي أثر تجربة العجز المتعلم!
ليس التهديد ولا الترغيب ولا القدوة، فقط التدريب الذاتي هو ما أخبر هذه الكلاب المسكينة بأنها يمكنها أن تغير من وضعها المؤلم.
يمكنك حرفيًا أن تخرج من دائرة عجزك الخاصة، من حلقة اكتئابك وحدودك الاجتماعية التي تظنها ضيقة، من سجن قدراتك المحكوم عليها سلفًا من قبلك بالقِزَم، بمجرد أن تمسك ركبتك بيدك وتضعها على الأرض للقيام مرة ثم اثنتين!
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله،،
ولا تعجز"!
84 views09:42
غ
