سلامُ الله على قلبك أيُها المارُ من هنا'. أما بعد؛ أعلمُ أن | ـ عاطف عماد
سلامُ الله على قلبك أيُها المارُ من هنا".
أما بعد؛ أعلمُ أن الحياة قد صمختك واختياراتك قد خذلتك، وأن الدُنيا بلفظها دُنيا تركت بك من الفقد أثرًا بالغًا لم تُرمم الأيام صدوع قلبك الهين ولم تلملم بعثرته ولم تجد لندوب روحك ضمادًا، عصفت رياح الخريف بك؛ لتتساقطُ أدمعك كما تتساقط أحلامك حلمٌ تلو حلم، تشبثت حتى بَترت حبال الآمال أناملك ولازلت تسعى، لم تيأس رغم أن قلبك ابيض من الحزن وعينيك قد جفت منابعها، أتظن أن الأقدار كُلها سُطرت لتكون ضدتك أم تظن أن حلمك توارى تحت الثرى؟
أم إنتقل إلى رحمة الله ولم يُشيع جنازته سوى الحاقدين عليك والكائدين لك؟ أمات بقلبك كما مات بأعينهم؟ أم سقط من جعبتك على قارعة الطريق والتقفه شخصٌ آخر قادرٌ على المُضي؟ أود فقط أن أخبرك أنه بموت حلمٍ قديم يوجد حلمٌ آخر من رحم العزم، وكل ظلامٍ يوجد من جوفه شعاع أملٍ ينير الدرب".
تظن الآن أنك كنت تُبالغ بأحلامك أعلم، وتظن السوء بذاتك التي عانت وتُلقي عليها اللوم _كُل اللوم_، هي لم تُقصر فضُم قلبك إليك وربت عليه ليهدأ، "وما كان ربك نسيًا". لو لم يقرأ البشر سوى تلك الكلمات المكتوبة على ظهر روايتك؛ فالله قد قرأها حرفًا حرفًا، رأى محاولاتك بعد كل مرةٍ سقط بها ويشهد على كل دمعة أحرقت بها أوراقك، يرى كل أمل جديد كان ينبت بتربة قلبك الهين وهو بقادرٍ على إنبات آلاف الآمال غيره، يرى بعثرتك وتشتتلك وهو بقادر على لم شملك، رأى كم مرة ناجيته وكم مرة دعوته، وكم مرة سقطت لتحتضنك الأرض لكن الأقدام قد دعستك، رأى كل جرحٍ تركته الأيام لك وهو على جبر كسرك إذا يشاء قدير".
اضرب بكلمات البشر _وما هي سوى لكمات_ عرض الحائط؛ فهي محض تُراهات سترهق قلبك فقط، اعلم أن الله يُسيرك لقدرك ولو لم ترى به خيرًا، أعدك ستراه بالقريب العاجل، ستقول ياليتني لم أتعجل وعينيك التي زرفت دموع الحسرة ستزرف دموع الفرحة، لربما فقط منع عنك ما كنت تحسبه خيرًا ليمن عليك بالخير الحق، " ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطئك لم يكن ليصيبك"؛ فكل شيء عنده بمقدار، وكل أمر له مكيال، الحزن ليس أبديًا والسعادة ليست مُخلدة، والجبر آتٍ وحتمي والخير مقبلٌ في موعده لا مؤخر له، اطمئن".
