2021-10-08 19:46:23
رواية : « زفاف في مقبرة »
#البداية
تمر الذكرى الثالثة لرحيلكِ وانا ما زلت اتذكر تلك الليلة التي قُتِلَت فيها امنياتي واحلامي _ واعني بتلك الليلة ليلة موتك _ تلك الليلة التي متُ انا ايضا ولكن الشي المختلف انهم لم يشيعوني كـ أنتي ، تلك الليلة التي توقفت محادثتي معك عن النمو والتكاثر كانت موجعة وطويلة جدا تشبه ليلة العيد لدى الاطفال ولكن ليلتي كانت تحمل الكثير من الحزن ، احسست بها ان رموش عيني ثقيلة عليَّ جدا ، وجدتُ نفسي كطفل هدم الموج قلعتهُ الرميلة ، تراكمت التناهيد في حلقي ، قدّمَ لساني استقالتهُ ، حُشِدت الحروف وتزاحمت ولكن لم يُصرح لها بالخروج فقُدِر للتنهيدة ان تعبر عن الشي الوجيز من الحزن ، سأخبركِ شيئاً _ في تلك الليلة _ كنت ابحث عن سبب للبكاء لكن لم أجد ، اليوتيوب كان له نصيبُ ايضا بحثت عن المقطع الذي ابكى الملايين ولكنه اضحكني ، ما هذه الهستيريا انا اريد البكاء لمَ اضحك ، يا الله يا الله أعني على البكاء تبادر الى ذهني ان القران هو الكفيل بأن يجلي حزني اول أية كانت ﴿فَاستَجَبنا لَهُ وَنَجَّيناهُ مِنَ الغَمِّ وَكَذلِكَ نُنجِي المُؤمِنينَ﴾ هذه الاية وما يليها اوقفتني في استراحة محارب وما زال دمعي صلف لا يخرج، راودني النوم على صوت القارئ حتى لم اشعر إلا بصوت امي حين ايقظتني من نومي .
صباحاّ ذهبت الى منزلك مع القادمين لأداء واجب الجار لجاره جلست بجانب إبيك _ الذي لا يعرف عن حبنا شيئا _ أشاطره حزنه في مجلس الرجال ، النساء سمحوا لهن بالدخول اليك والرجال ما زالوا ينتظرون انتهاء مراسيم غسلكِ حتى يتم تشييعكِ ، في تلك اللحظة بكيت دون ان اشعر خرج الدمع المخبى في جيوب حواجبي وكأن عينيَّ تقوم بغسل قلبي حتى يُشيّع معكِ ، الناس شيعوكِ وانا شيعتُ قلبي .
صوتٌ من اقصى البيت " الجنازة جاهزة " ، قام اقاربك برفعك على الكتوف قاصدين بك المسجد بالنسبة لي شعرت بالغيرة كنت اريد ان احملك معهم كنت اريد ان اقول انا الأولى لكن قُضي الأمر كما ينص الدين والعادات ، صلى عليك الناس صلاة الميت وانا صليت صلاة الوداع ، بعد الصلاة اتجهوا نحو المقبرة التي تقرب من منزلنا الى حدٍ ما حين وضعوك في القبر كاد قلبي يقول لا تدفنوها بيتها ليس الثرى هي نجمةٌ هي وردةُ هي جوهرا ، ولكن عز عليَّ ذلك ، في تلك المقبرة لأول مرة تُدفن امرأة وقلب .
انتهاء الدفن كلن عاد الى بيته واحبائهِ ولكن انا بقيت اين اذهب وهم دفنوا هنا بيتي كنت اريد ان أمكث كثيرا ولكن خشيت ان يقال فيك قولاً بعد موتك بسبب بقائي، احتضنت تراب قبرك ، هل شعرتي بي؟ وكنت اريد ايضا ان احتضن التراب الذي خُلقتِ منه ولكن أَنّا لي ذلك، قبل رحيلي وضعت يدي على القبر كنوع من المصافحة وذهبت .
اول يوم بدونك كان اشبه بطعامٍ بلا ملح ، نحن خبئناكِ في المقبرة عند الظهيرة وفي العصر أتيت حتى أيقظكِ "هيا انهضي سيأتي الليل وانتي وحيدة هيا انهضي" لكنكِ لم تصحي رغم ندائي المليئ بالبكاء ، مرت الساعات واتىء المغرب والسماء بدأت تحمر خجلا كـ انتي حين كنتِ تسمعين قصائدي ، فترة وجيزة واسودت السماء وانزل الليل ستائره ، عادت الطيور الى عشها وانتي لم تعودين، منعني حارس المقبرة من البقاء بجانبك عدت الى البيت قاصداً غرفتي ابكي واندب حظي وأواسي قلبي ببعض من القصائد حاولت رثاءكِ ، كتبت وكتبت حتى بلغت قولي :
لا تعجبوا إن قلتُ أنّي ميتٌ
هل تعلمون لموتها ما حل بي؟
ماتت.. وماتوا كل أبنائي وما
من رَحِّمْها إبنٌ ينادي يا أبي
أجميلةٌ يا سعدُ ؟ إن جمالها
بلغ الكمال لدونِها لم يُنسبِ
إنّ الجمالَ محرمٌ عن دونها
البدرُ ليس كحُسنها يا صاحبي
لولا الحياء .. وثَّمَ أنّيَ مسلمٌ
لزعمتُ أن البنت معجزة النبي
*. *. *.
توقفت عن كتابة اول مرثية وبدأت انظر في خزانة هاتفي علّيْ اللقاء بعض اثركِ وجدت صورة لك ، كان يجب على الكاميرا ان تلتقط رائحتك ، واللغة ناقصة ايضا ؛ لانها لا تلتقط شعورنا حين نكتب ، الا ليت القارئ يشعر بمرارتي وانا اخط هذه الاحرف العرجاء ، قد يبدو عليها الجمال لكن بها الكثير من الحزن.
يا وحيدتي أسمع بكاء اطفالي الذين _ ما زالوا _ في صلبي يبدو انهم يشتاقون اليكِ ، الاشتياق مؤلم جدا جدا لكن سأقول كما قيل " إنّي اشتاق ان تقوم القيامة حتى اللقاكِ " وقد يكون هذا القول ابلغ ما قيل في الاشتياق .
مر يوم على رحيلك والنار التي في صدري باردة ، وكل ما اقراء محادثتك يثار الشجن في قلبي ؛ فأبكي ، والله ما اظني اذكر أني بكيت كهذه الليال من قبل وما اظني سأبكي كـ هي من بعد ، لا تسأليني لمَ كل هذه البكاء لا تقولي لمَ هذا النحيب ، أمثلكِ يُنسى حتى لا يُبكى ، لو كنتِ عابرةً لما بكيتكِ ولكن قلبي تشبث بك وعز عليه نسيانكِ .
قد تقولين ألهذه الدرجة احببتني؟
يتبع....!
هل نكمل الرواية؟
26 views𝐷𝐸𝑃𝑅𝐸𝑆𝑆𝐸𝐷, 16:46
ع
