2021-03-23 11:40:01
من قال أن الأفعال وحدها ما نحتاجه في الحب؟
هذا المنطق الكاذب الذي أخترعه قساة القلوب من أجل تبرير قسوتهم وعجزهم، نعم الأفعال خير أثبات للحب لكن وبـ نفس المنطق فـ الأب الذي يعمل طوال اليوم ويهمل التعبير عن مشاعره لأطفاله ولـزوجته بالكلمات الطيبة الجميلة لا يلام على جفاء مشاعر أسرته أتجاة بعضهم البعض وأتجاة الناس، لا يلام على عدم شعور زوجته بالسعادة معها، كذلك الأم التي تؤدي دورها في العمل او تربية أولادهم وأرضاء متطلبات زوجها لا تلام على شيء، في النهاية كلها أفعال ظاهريًا تثبت مدى قوة الحب..
في الحقيقة إنني أرفض شكلاً وموضوعًا تلخيص الحب في الأفعال فقط، فـ الفعل قد يتحول لـ عادة رويدًا رويدًا حتى يختفي الحب تمامًا..
خلال خمس وعشرون عامًا من الزواج ورغم أن أبي كان يعمل لأكثر من ستة عشر ساعة في اليوم من أجل توفير إحتياجات المنزل اليومية، لكنه لم ينسى ذكرى اللقاء الأول بـ أمي، لم تشغله الحياة عن الأحتفال بـ ذكرى خطوبتهم، يبتكر كل عام طريقة جديدة للأحتفال بـ ذكرى زواجهم وكأنه حدث قبل عام وكأنها أنجازه الوحيد في الحياة، يبحث عن هدايا جديد لها في الأعياد والمناسبات، وفي الأيام العادية ارى دائمًا يتغزل في أمي وكأنها لا زالت في ربيع شبابها، بعدما تعلم الأنترنت لا يزال يرسل لأمي المقاطع الغنائية القديمة وكأنه شاب يحاول جذب فتاة في غرامه، يرسل لها الصور الرومانسية، والشعر لا ينقطع في رسائله المكتوبة بـخط الأيدي..
أمي سيدة محظوظة بـ كل تأكيد لـكل هذا الحب، لكنها ضحت بالكثير من أجله، تحملت مشاقة البدايات معه، لم تتمرد على الحياة البسيطة التي بدأوها معًا، لم تطلب في الحياة الا البقاء معه، كانت تبدو أمامنا متعبة ومنهكة طوال اليوم لكن وما أن يقترب موعد عودة أبي من العمل حتى تخرج لنا من غرفتها وكأنها في أنتظار موعد غرامي على شاطيء مدينتنا، كانت تطمئن أن ملابسنا نظيفة ومهندمة لأستقبال ابي اليومي، وحين يفتح الباب كانت تستقبله بـ قبلة وعناق طويل ثم كلمات جميلة من الحب والغزل، احيانًا تذكره بأيام الشقاء والتعب، بـ كم التضحيات التي ضحى بها من أجل اسعادنا، عن عمره الضائع في العمل، عن شبابه الذي أنهك في الركض خلف القوت اليومي، عن رفاهية الحياة التي لخصها في رفاهيتها وسعادتها، ثم تقبله وتعتذر له بأجمل الكلمات التي يحبها، أمي لا زالت تغار على أبي الذي أقترب من الستين، ولا زالت وكلما مرت أغنية "أنت عمري"، تغني وتدندن له وكأنها لم تكتفي بالتعبير عن حبها لأبي حتى الأن، حين تمتليء ذاكرة هاتفها تحذف صورها الخاصة وحين يمزح أحد أخوتي ويطالبها بـ حذف صور أبي تسخر وتقول " نحن نحيا بـ فضل والدك" ..
يوم سألتها "أليست الأفعال كافية في الحب"
ردت وهي تعد لأبي فنجان قهوته المفضل:
الحب يـ ولدي لا يحتاج للمنطق، حين تحب تشعر أن الأفعال وحدها للتعبير عن مشاعرك فـ تمزج الأفعال بـ الكلمات فـ تشعر بأن الكلمات أيضًا ليست كافية، أنه الجنون الذي يدفعك ويقودك للتعبير عن الحب الذي يتجدد كل يوم في قلبك لمن تحب..
نحن لا نعبر عن مشاعرنا لنثبت لمن نحب أننا نحبه، الحب أسمى من هذة المعادلة السخيفة، نحن نعبر عن مشاعرنا بـ كل الطرق الممكنة فقط لأننا نحب..
وهذا مفهومي عن الحب أيضًا .
4.2K viewsGabrial opp, 08:40