في رحاب الضامن (٨١) روى الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام: | العتبة الرضوية المقدسة
في رحاب الضامن (٨١)
روى الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام: قال أمير المؤمنين عليه السلام: «الدنيا كلها جهل إلا مواضع العلم ... » عيون أخبار الرضا (ع) ٢٥٣:٢
الشرح أيها الرضوي! يحدّثك الرؤوف عليه السلام هنا عن الجهل، والذي هو بخلاف العلم، فالعلم يؤدي إلى الفضيلة أما الجهل فيؤدي إلى الرذيلة، وهذا ما نراه منتشرًا في مجتمعاتنا بصورةٍ كبيرة وفي كل زمان ومكان.
لقد ذمّت الكثير من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة الجهل؛ لأنه من أهم أسباب انتشار الفساد والرذائل الأخلاقية والحسد وغيرها ... ومن خلال الرواية التالية يمكننا التعرف على صفات الجاهل، فقد ورد على لسان مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: «إنّ الجاهل من عدّ نفسه بما جهل من معرفة العلم عالمًا وبرأيه مكتفيًا، فما يزال للعلماء مباعدًا وعليهم زاريًا، ولمن خالفه مخطئًا، ولما لم يعرف من الأمور مضلّلًا، فإذا ورد عليه من الأمور ما لم يعرفه أنكره وكذب به، وقال بجهالته: ما أعرف هذا، وما أراه كان، وما أظن أن يكون، وأنّى كان؟ وذلك لثقته برأيه وقلة معرفته بجهالته! فما ينفك بما يرى مما يلتبس عليه رأيه مما لا يعرف للجهل مستفيدًا، وللحق منكرًا، وفي الجهالة متحيّرًا، وعن طلب العلم مستكبرًا.»(١)
أيها الرضوي! إنّ عليك أن تسعى في ميادين العلم المختلفة وخصوصًا نيل المعارف التي تفيدك في دينك ودنياك، فلا تدع مجالًا للجهل كي ينفد إلى روحك وعقلك، بل خصّص لك وقتًا لتثقيف نفسك بشكلٍ يومي، فالعاقل هو من لا يترك يومًا يمرّ عليه إلا وتعلّم شيئًا جديدًا، كما أنّ عليك الابتعاد عن الجهلاء فهو أمر مهم جدًا؛ لأنهم مثل الدودة التي تنخر في جذع شجرةٍ سليمةٍ إن لم يتم علاج الأمر في أسرع وقت، وتذكّر دائمًا قول الإمام علي عليه السلام: «الجاهل صخرة لا ينفجر ماؤها، وشجرة لا يخضرّ عودها، وأرض لا يظهر عشبها.»(٢)
