Get Mystery Box with random crypto!

إن اللغةَ بعدكِ لغةٌ أخرى، بل كل ما أراه بعدكِ ماعاد كما كنت أ | عماد الدين علي

إن اللغةَ بعدكِ لغةٌ أخرى، بل كل ما أراه بعدكِ ماعاد كما كنت أراه، لقد تغيرت المعاني وتشكلت حروف الألفاظ من جديد، لقد أثَرتِ فيّ أسئلةَ الطفولة، أثرتِ في تلك الأسئلة الساذجة اللطيفة، فصرتُ أسأل الوجود: ما أنت؟ وصارَ كل شيءٍ فيه يجيبني فيقتبسُ منكِ ومن معانيك، حتى عَمِدتُ إلى مكتبتي ونظرت في تلك الدواوين وسألتها: ما أنت؟ فقالت: نحن تلك السكتاتُ التي بين كلماتِكُمَا!

لقد تمشيتِ في ضميري شيئا فشيئا، وهكذا هو الحب الذي يأبى إلا أن يتدثر بالكبرياء، لكنه كبرياءُ الفراشةِ التي تعاند.. ثم جاءت الحياة معك جملةً واحدةً، كما يجيء مع الفراشة الربيع.

وإني وإن كنت قد مُنعت فيك من النظر، فقد استأنستُ منك بالأثَر، حتى صرتُ أستأنسُ بآثارك التي تلوح في كل شيء جميل، والجمالُ إجمالٌ، وأنتِ التفصيل، فإن كان هذا العالم أغنيةً كنتِ اللحن،
وإن كان شِعرًا كنتِ القافية،
وإن كان أيامًا كنتِ صباحَ العيد،
وإن كان عُمرًا كنتِ أيامَ الطفولة..

إن هذا الحبّ يجري بين روحَينا كالماء المترقرقِ حَيثُ لا أحَد، وينسكبُ على قَلبَينا كالغَيْلِ المتدفقِ على الأرض الملساء، ليروي جَسدينا الّذينِ عادا للحياة كفنَنَينِ قَد أورَقَا بعدَ دهرٍ من الخريف.

وإن لِرُوحَينا يا أنا شأنًا عَجِيبًا! كأنهما وصلتا إلينا بعد سفرٍ طويلٍ عبر الزمن، وقد كانتا تنتقلان بين الشعراء وملهماتهم، من ابنِ الصِّمَّةِ القشيري وابنةِ عمه، إلى مجنونِ بني عامر وليلى، إلى قيسٍ ولبنى، إلى كُثَيِّرٍ وعَزَّة، إلى جميلٍ وبثينة، إلى المؤمل والذلفاء، إلى مرقش وأسماء، إلى عروة والعفراء، إلى ذي الرمة وميّة، إلى نُصيبٍ وزينب، إلى ابن زيدون وولادة، إلى الرافعيِّ ومَيّ.. إلى أنا وأنت!

T.me/imededdin_ali