2022-08-03 20:57:29
لو كنت صاحب قرار لجعلت الرسالة التالية (والتي وجهها العميد المتقاعد خضر بيك آل خطاب لولده طلال ليلة زفافه ) جزءا من منهاج الثانوية العامة الدراسي ليتقدم فيها كل طلبة المملكة للامتحان حتى نضمن أن أمثال هذه المعاني الرائعة والمفاهيم الراقية قد وصلتهم.
#معركة_الوعي
#د_أمجد_قورشة
يقول العميد خضر بيك:
ولدي الغالي طلال..
أولاً لتعلم بأن فرحتي بزفافك لا يقاربها إلا فرحتي بقدومك إلى الدنيا .. فيوم أن رزقنا الله تعالى بك تغيّر لون الحياة وأشرق قلبي بنوع جديد من الحب لم أذقه من قبل .. كنت السبّق في إدخال الفرح إلى قلبينا – أنا ووالدتك – فكنت بِكرنا، وأول خريج من الجامعة، وأول عريس أزفّه إلى بيته الجديد .. ملأه الله عليك وعلى زوجك مودة ورحمة وسكينة .. ورزقكما الذرية الصالحة ..
سبب آخر مهم افرحي يوم زفافك .. أنّك – وأخيرًا – قد أرحتني من حمل رايتك، الراية الأولى من بين خمس رايات أدعو الله تعالى أن يعينني على تسليمها لأصحابها في الوقت المناسب ..
إن سألني الله تعالى يوم لقائه: (هل بررت بولدك؟)..
سأجيب:
وعزتك وجلالك يا رب أنّي قد بررت به.. فلقد حرصت على أن أمهّد الطريق لك حتى قبل أن تولد:
- فقد كنت طوال حياتي حريصًا على رضا والديَّ.. فوالدي - رحمه الله تعالى - قُبِضَ بين يديّ وأنا أخدمه. ووالدتي الحبيبة - بارك الله في عمرها وصحّتها - تعمر بيتي بالطمأنينة دومًا بتشريفها لنا.. وما كانت لتفعل لو لم تكن راضية..
- ثم أخترت لك ولإخوتك أمًّا.. هي مثالًا يُحتذى في صلاح الزّوجة والأم..
- ثم بحثت لك عن مدرسة تشبه بيتنا العامر بالإيمان والخلق الحسن والحب والرّحمة .. وهذا معيار أساسي في اختيار مدارسكم لم أكن لأتنازل عنه مهما عظمت مغريات الحياة..
- وقد عَلّمتك أن استاذك هو أب ثانً.. وأن مدرستك هي الواحة التي سيستقي منها للحياة.
- ثم زرعت في صدرك قِيَمًا تعينك على اجتياز الصراط المستقيم.
- وتحرّيتُ الحلال والحرام في كل قرشٍ قبل أن يدخل جيبي ليُصبح بعدها في بطنك أو ملبسك وتعلمك ..
- ثم حرصتُ على أن تحفظ كتاب الله تعالى .. وتوزّع جهد ذلك بين البيت والمدرسة .. حتى ختمته حفظًا قبل أن تتم السنة الثالثة عشرة من عمرك ..
- وحدث أن يسّر الله لك أن تزور البيت الحرام مرارًا معتمرًا.. وأن تشدّ الرّحال إلى مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ليتشرب قلبك بحب رب البيت ورسوله الأمين ..
- وشاء الله تعالى لك أن تكلل تلك الزّيارات بأداء فريضة الحج برفقتي قبل أن تُنهي الثّانويّة العامّة..
- ويشهد الله أنني اجتهدت في أن أقدم لك كلَّ ما أستطيع كي ترتقي في سلّم العلم - بيئة منزليّة آمنة .. وأحثٌّك على العلم بالحكمة والموعظة الحسنة.. فكان أن نلتَ شهادة الهندسة من الجامعة الأردنيّة.
- وبذلت ما بوسعي كي تكون علاقتك بإخوتك مبنية على حبٌ وصداقة وإيثار.. وأنّكم على قلب واحدٌ حتّى الممات.
- وحرصت على ألا تكذب.. لا تكذب.. لا تكذب.. مهما كان ثمن الحقيقة..
- وساعدتك في بناء قيم مستقبلك ... وكانت أولى ثمار هذا البناء أن اخترتَ زوجة هي أقرب ما تكون من أمّك..
ثق يا ولدي.. أنّك وإن استلمت رايتك من يدي.. لكنّها ترفرف عاليًا في قلبي.. ولن يزحزحك عن مكانتك في نفسي شيء إلى أن يجمعنا الله تعالى عند حوض الحبيب بعد أن نعدو على الصراط المستقيم معًا.. ونلقى كلّ الأحبّة..
بقيت أربع رايات.. فكن ساعدي القوي في حملها لحين تسليمها لإخوتك..
والدك.. وسندك
خضر آل خطاب
1.2K views17:57