2022-07-16 02:05:36
قال ابن الجوزي-رحمه الله -:
"يبين إيمان المؤمن عند الابتلاء ، فهو يبالغ في الدعاء ولا يرى أثراً للإجابة ،
ولا يتغير أمله ورجاؤه ولو قويت أسباب اليأس :
-لعلمه أن الحق أعلم بالمصالح ،
- أو لأن المراد منه الصبر أو الإيمان ، فإنه لم يحكم عليه بذلك إلا وهو يريد من القلب التسليم لينظر كيف صبره ،
-أو يريد كثرة اللجأ والدعاء ،
فأما
من يريد تعجيل الإجابة ويتذمر إن لم تتعجل فذاك ضعيف الإيمان ، يرى أن له حقاً في الإجابة ، وكأنه يتقاضى أجرة عمله !
أما سمعت قصة يعقوب عليه السلام ، بقي ثمانين سنة في البلاء
ورجاؤه لا يتغير ، فلما ضم إلى فقد يوسف فقد بنيامين
لم يتغير أمله ، وقال : (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتيني بهمْ جَميعاً) ، وقد كشف هذا المعنى قوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) ، ومعلوم أن هذا لا يصدر من الرسول والمؤمنين إلا بعد
طول البلاء وقرب اليأس من الفرج ، ومن هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل ، قيل له : وما يستعجل ؟ قال : يقول : دعوت فلم يستجب لي) ،
فإياك
أن تستطيل زمان البلاء ، وتضجر من كثرة الدعاء ، فإنك مبتلى بالبلاء ، مُتَعَبَّد بالصبر والدعاء ، ولا تيأس من روح الله ، وإن طال البلاء" .
صيد الخاطر (ص/168) .
1.7K viewsedited 23:05