Get Mystery Box with random crypto!

#في_أربعينية_المقالح. من أجمل القصائد التي قيلت. للشاعر العم | منهل اللغة العربية

#في_أربعينية_المقالح.

من أجمل القصائد التي قيلت.
للشاعر العملاق #يحيى_الحمادي.

#عنوان_القصيدة:(الموتُ عافيةُ الحياة)
----------------------------------
وَدِّع (خُزَيمةَ) فالزّمانُ غُثاءُ
لا فيه لا (أَحَـدٌ) ولا (ثلثاءُ)*

وَدِّع خُزَيمةَ.. فالقصيدةُ صَخرةٌ
بين الضلوعِ، وزَفرةٌ شَعثاءُ

وأَعِر فؤاديَ مُقلتَيكَ فقد أَتى
زمَنُ الرِّثاءِ.. وما لَدَيَّ رِثاءُ

لُغَتي بَكَيتُ بها عليكَ، وغَيمتي
يَبِسَت، وكُلُّ رَوَاعِدي خَرساءُ

وفمِي يُصِيخُ معي إذا استَنطقتُهُ
ويكادُ يَنطِقُ في عيوني الماءُ

والدّمعُ أفصَحُ مَن يقول قصيدةً
لا يَستطيعُ بُلوغَها البُلغاءُ

والصَّمتُ أَبلَغُ ما يُقالُ إذا بَدا
أنَّ الفصاحةَ والبكاءَ سَواءُ

والمَوتُ عافيةُ الحياةِ لِدائِها
ولقد يكون مِن الدّواءِ الداءُ

ما في الحياةِ لِأَهلِها مِن مأمَنٍ
والموتُ خلفَ ظهورِهِم عَدَّاءُ

خُلِقَ ابنُ آدَمَ كي يَمُوتَ.. وحِكمةُ الـ
ـخَلّاقِ ليس أمامَها استِثناءُ

لكنَّ بَعضَ الموتِ يُولَدُ ميِّتًا
لِيُكافَــأَ الشُّهداءُ والشُّعراءُ

لا تَعرِفُ الأَوطانُ قدرَ رجالِها
إلَّا وقد حَمَلَتهُمُ الحَدباءُ

يا شاعرَ اليَمنِ الكبير.. مُصابُنـا
جَلَلٌ بفقدِكَ، والقلوبُ هَواءُ

وكأنّ طَعمَ الموتِ قبلَكَ لم يكن
مُــرًّا، ولا لِكُؤوسِهِ سَقَّـاءُ

وكأنَّ يومَ الفقد لم يَكُ تاركًا
هذا الظلامَ يَصُولُ حيثُ يَشاءُ

يومٌ أَطَلَّ مِن القيامةِ حارقًا
والشّمسُ خلفَ دُخَانِهِ عَمياءُ

هَبَطَ الظلامُ به، فأغطَشَ نورَهُ
وطوى الصَّباحَ -إلى المَساءِ- مَساءُ

وتلفَّت المَشّاءُ فيه كأنه
لِوَداعِ أوَّلِ راحلٍ مشّاءُ

ورَمَى بمقعَدِهِ اليَقينُ، فلم يعد
بين الحقيقةِ والخَيالِ جَفاءُ

يا يومَ فقدِك.. والبلادُ كأنها
جسدٌ تَطِيرُ بروحِهِ الأَنـباءُ

عَبَثًا تُكذّبُ ما يُشاعُ.. وكلّما
نظرَت إليكَ أَصابَها الإغماءُ

وتُفيقُ فارغةَ الفؤادِ، وما لها
لُغةٌ تَنُـوحُ بها ولا إِِصغاءُ

أَلِفَت حُضورَكَ.. غائبًا، أَو حاضرًا
أمّا الفِراقُ فإنه لَـبَلَاءُ

ما كان فقدُكَ فَقدَ فَردٍ وَاحدٍ
حتى يَسدَّ فراغَـهُ البُدَلاءُ

أو كان فَقدُكَ فَقدَ بَيتٍ وَاحدٍ
ليُقامَ فيه سُرادِقٌ وعَزاءُ

في كُلّ بيتٍ مُذ رحلتَ مناحةٌ
وبكلِّ قلبٍ خَيمةٌ سوداءُ

بك مَن نُعـزِّي يا عَزيزُ، وكلنا
مُهَـجٌ يُراحُ بنَـعشِها ويُجاءُ

ومَن الحَرِيُّ به العَزاءُ؟ وكُلُّ مَن
فوق الترابِ وتَحتَهُ أَبناءُ

وَسِعَت أُبوّتُـكَ الجَميعَ.. فأينما
ولَّيتَ وَجهَكَ مأتمٌ وبُكاءُ

يا أيُّها العَلَمُ الكبيرُ، وأيُّها الــ
قلمُ المنيرُ، وأيُّها المِعطاءُ

ها قد رَحلتَ كما يَلِيقُ بشاعرٍ
للدّهرِ خلفَ نشيدِهِ إِطراءُ

وكما يَليقُ بثائرٍ لِيَديهِ في
وَجهِ الجدارِ قصيدةٌ نَجلاءُ

وكما يليقُ بزاهِدٍ نُسِيَ اسمُهُ
مِن فرطِ ما ارتفعَت به الأسماءُ

ها قد رحلتَ وأنتَ أَنصَعُ صَفحةٍ
فيها لكلِّ فضيلةٍ إمضاءُ

وأدَرتَ ظَهرَكَ للحياةِ، ولم تكن
ممّن يُسِيءُ لأجلِها ويُساءُ

ما كنتَ إلّا بالبَساطةِ شامخًا
فالأَنبياءُ جميعُهم بُسَطاءُ

يا ليت مَن بَلَغُوا عُشَيرَ فضيلةٍ
ممّا بلَغتَ تواضَعُوا وأفاؤُوا

فالعِلمُ يُوشِكُ أن يكون نَقِيصةً
إن لم يَزِنهُ تواضعٌ وحَياءُ

اللهَ يا قمرَ البلادِ وشَمسَها
كم أنتَ وَحدَكَ حاضرٌ ومُضاءُ

اللهَ يا (عبدَالعزيزِ).. ألَا تَرى
أنَّــا الفقيدُ.. وأنكَ الأحياءُ

ما كان فقدُكَ في (السّعيدةِ) فادِحًا
إلَّا لأنّ وُجودَكَ استِثناءُ

موتٌ كَمَوتِكَ لن يدومَ.. لأنه
لا مَوتَ يَغلِبُ مَن له قُـرَّاءُ

فالمَوتُ عند ذَوِي السّطورِ وِلادةٌ
والموتُ عند ذَوِي القصورِ فَناءُ

ومقاعِدُ التاريخِ ليس يَنالُها
متطفلٌ صَعَدَت به الغوغاءُ

يَتهافَتُ الزُّعماءُ نحو فنائِهم
وإلى الخلودِ يُحَلِّقُ العظماءُ

يا أَروَعَ ابنٍ لِلبلادِ؛ ويا أَبًـا
يَلقى بَنِيـهِ كأنهم آبــــاءُ

أنفَقتَ عُمرَكَ للنضالِ، كأنه
دَينٌ عليكَ معجَّلٌ وقضاءُ

ومَنَحتَ شعبَكَ فوق طاقةِ شاعرٍ
كسَرَت عَمُودَ شبابِهِ الأعباءُ

ولِحَقِّ أُمتِّكَ الكبيرةِ لم تكن
ممّن هواهُ لِأَجلِها أَهواءُ

ما كان أَسهَلَ أَن تُباعَ وتُشتَرى
فالشعرُ بَيعٌ عندها وشِراءُ

لكن مثلَك لا يَخونُ ضَميرَهُ
مهما أصابَ وأخطَأ النظراءُ

للهِ عُمرُكَ وهو يَبدأ رحلةً
للشعرِ ما لِكنوزِها إنهاءُ

للهِ فكرُكَ وهو يُشعِلُ شَمعةً
تفنى النجومُ وما لها إطفاءُ

للهِ صَبرُكَ وهو أثمنُ ثروةٍ
لا اليأسُ فاز بها ولا الإقصاءُ

كَذَبُوكَ إذ قالوا يَئِستَ، وما دَرَوا
أنَّ التلذُّذَ بالبكاءِ غِناءُ

فمِن الغُروبِ يُطلُّ وَجهُ ولادةٍ
ومِن الرّمادِ تُحلِّقُ العَنقاءُ

وتَشابُهُ الأشياءِ يَخلِطُ بينها
(وبِضدّها تتميّزُ الأشياءُ)

واحَسرتاهُ على شُموسِكَ إن تكن
سَطَعَت لِيَقرأَ ظِلَّها البُلهاءُ

دعهم يَخُوضوا في الغَباوةِ جَهدَهم
فمع الغَباءِ يَجوزُ الاستِغباءُ