ــــــــــــــ❁﷽❁ـــــــــــــــ الحلقة.183.tt غزوة.خيبر.3.tt الشيخ.صالح.الخليفة.tt هذا الدرس الثالث والثمانون بعد المائة الأولى في سيرته صلى الله عليه وسلم.
ولا زلنا في معركة خيبر..
فخرج المسلمون حتى وصلوا إلى قلعة حصن أبي، وحاصرهم المسلمون، فخرج مجموعة من اليهود يطلبون المبارزة، وخرج إليهم أبو دجانة سماك بن خرشة رضي الله عنه، فقتل رجلا حين بارزه، ثم أسرع واقتحم القلعة.
وهذا يدل على عظيم شجاعة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه لما قتله لم يقف، وإنما اغتنم فتح باب الحصن فاقتحم فلحقه المسلمون، فدخلوا الحصن، ووقع قتال مرير داخله.
ثم تحول اليهود إلى حصن النزار، فتبعهم المسلمون. هذا الحصن كان فيه نساؤهم وأطفالهم، وهو آخر الحصون في هذا الشطر. فاستعصى على المسلمين أياما، ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بضربه بالمنجنيق بالحجارة، ففتحت ثغرات في هذا الحصن، فاقتحمه الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.(1)
أيا رب لا تجعل وفاتي إن أتت على شرجع يعلى بخضر المطارف
ولكن شهيدا ثاويا في عصابة يصابون في فج من الأرض خائف
إذا فارقوا دنياهم فارقوا الأذى وألفوا إلى موعود ما في المصاحف
دخلوا رضي الله عنهم وأرضاهم وكل واحد منهم يعلم أنه قد لا يعود. فدخلوا إلى هذا الحصن الذي قاتل اليهود فيه قتالا شديدا لأنه آخر حصونهم في هذا الشطر، ولأنهم يدافعون عن أبنائهم وذراريهم وزوجاتهم، فلم يبق لهم بعد هذا الحصن شيء، فقاتلوا أشد القتال.. لكنهم أمام أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم، رضي الله عنهم وأرضاهم، فقاتلوا قتالا شديدا حتى ترك اليهود ذراريهم ونساءهم في هذا الحصن وولوا لا يلوون على شيء.(2)
وبعد هذا الحصن، ذهب الصحابة وفي مقدمتهم نبينا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إلى الشق الآخر، وهو ثلاثة حصون، ويتبعها حصون غيرها، لكن هذه أعظمها وأكبرها؛ ومنها حصن القموص الذي كان فيه ابن أبي الحقيق.
ثم بعد ذلك لم يقع قتال على الصحيح في أقوال أهل العلم، وسلموا للنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن تفاوضوا معه على حقن الدماء، وترك الذرية لهم في هذه الحصون الثلاثة، ويخرجون من خيبر بذراريهم، ويخلون بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين ما كان لهم من مال وأرض؛ من الفضة والذهب وغير ذلك.
فقال صلى الله عليه وسلم: وبرئت منكم ذمة الله وذمة رسوله إن كتمتموني شيئا. فصالحوه على ذلك. وبعد هذه المصالحة، تم تسليم الحصون إلى المسلمين، وتم فتح خيبر.(3)
لكن اليهود يهود، والغدر فيهم، والخديعة والمكر لا يزال فيهم إلى قيام الساعة؛ فإن ابني أبي الحقيق كانا قد خبآ مالا عظيما لحيي بن أخطب، أخذه معه إلى خيبر حين أجليت بنو النضير، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم كنانة بن الربيع، وكان عنده كنز بني النضير، فسأله فجحد الرجل.
فجاء رجل من اليهود فقال: يا محمد، إني رأيت كنانة يطيف بهذه الخربة كل غداة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لكنانة: أرأيت إن وجدناه عندك، أأقتلك؟ قال: نعم. فأمر بالخربة فحفرت، فأخرج منها بعض كنوز بني ابن أبي الحقيق، ثم سئل عن الباقي فلم يؤده. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الزبير أن يمسه بشيء من العذاب، فأخبر ببقية المال، ثم دفعه النبي صلى الله عليه وسلم إلى محمد بن مسلمة ليقتله بأخيه محمود.(4)
فإن محمودا رضي الله عنه كان قد أراد أن يستظل بظل حصن من حصونهم فألقوا عليه الرحى وقتلوه رضي الله عنه وأرضاه.
