2022-07-28 18:14:25
التحق ساچت جسام وبيده علاگه كليجة وخيط حرز جابته امه من مقام سيد حمد الله ، ساچت طويل وذو جسم متعضل وعينان عسليتان واسعتان وانف مدبب وفم ضيق وشعر يبدأ من منتصف جبينه.
هو هاديء لكن الحرب اشعلت بصدره نار التهور ووضعت في رأسه حطب العجلة!
صعد اول سيارة ريم دون بيرية مع خمسين جندي ببيرية وبدون بيرية!
استقرت عيناه امام النافذة واندلع من بين اقدام السائق صوت عتلة السرعة ومن بين يده اخذ الگير يتحرك النمرة التالية، التفت السائق بعد ان صاح هاا اليوم منو منكم يموت؟!
فصاحوا: يمعووود گول ياالله؟!
التفت مرة ثانية وسط ضجيج الكروه والمهامس الصعب والحوارات الجانبية ، وصاح مجدداً: لعد خلي اموتكم هسه؟!
رد الجنود : شلون بله، انت ماعندك غير سيرة الموت؟!
اجابهم السائق : صبر صبر ابو خليل؟!
ساچت صافن دون حركة، دون لاشيء سوى انفاسه التي تطرد روح جگارة جاره الذي يلاسق كتفه !
والسائق ادار المذياع بصوت حنون ودافيء واذا الهدوء يقبض انفاس الجنود،ويمدهم بنار الصنطه، يهدد ضجيجهم بالنهاية والحتم واللاعودة الا ساچت الذي راح يعزف بلسانه الاغنية ويردد هامساً متذكرا عيون وصال التي اقسمت بهن عليه، الا يتأخر هذه المرة وكأنه هو ابو الجيش ! وصاحب الجكارة الذي يجاوره يطري عليه المديح: زين والله عمي حافظها !
وساچت يعزف بلسانه اللحن ويردد الاغنية وفي عينيه دمعة على شكل فتاة صغيرة تحاول الهروب:
يگولون غني بفرح
وانه الهموم مغناي
وجاره في المقعد اخذ هو الاخر يغني ويعزف بلسانه
بهيمه زرعوني ومشوا
وعزوا عليه الماي
انظم معهم نصف المقاعد الخلفية يغنون بهذا الشطر:
نوبة انطفي ونوبه أشب
تايه بنص الدرب
احدهم اخذ يصفق بقوة ولكنه يبكي بحرقة!
مما دعى ساجت ان يغني وباله تاه واحتار !
ثم وقف وصاح بقوة صدره:
تايه واخذني الهوا
لارايح ولاجاي
والركاب الجنود رددوا والبكاء اعتلى طريقهم الذي ودع اخر شجرة في طريق العراق :
يكولون غني بفرح؟!
صاح ساجت ، فيمالا وصال والله مو ذنبي وچ! وعيونج مو ذنبي !
كفر احد الجنود بالسلطة وسب اخر الريس
فراح ساچت الى حفرة عميقة هو ومن معه
وقد اخذ يردد وبعينه وصال مثل دمعة يتمنى بها لقاء امه وتلك الترفة ذات الطول الباسق والشفة الذابلة والخصر الذي يشبه خصر شجرة النخيل الاستوائي:
دولاب فرني الوكت
وخميت الولايات
الغربة صاروا هلي
وخلاني شمات
ومابين شوگ وصبر
خلصن سنين العمر
يگولون غني بفرح ؟!
صاح احد الرفاق البعثيين عليه: وك ابن الگحبه جاي تتشاهد ؟
تسبون الريس وتردون الشهادة؟!
- لاسيدي اني احب واذا تحب الريس وعائلة الريس بس خلينه نسمع هذا المقطع من الاغنية؟!
التفت الرفيق البعثي وأمر احد رفاقه ان يرفع من صوت مذياع الحافلة التي بالقرب من الحفرة العميقة وهي بكل لوؤم تحضن جميع جنود الحافلة!
ارتفع صوت العطار كما ارتفع صوت الشفل وهو يرمي فوق رؤوسهم التراب بقوة، صاح احد الجنود : يمه صار حسرة عليه اشوفج بعد؟!
وساچت صاح : وصال احبج واذا تحبيني راح يجمعنه الله بحفرة كلها بلابل وريش!
وقحطان لازال يصيح:
احرگ خطوط العتب
وانثرها ويه الريح
وانسه محاچي العشگ
يابو شعر تسريح
والعمر شمعة انطفت
وكل السوالف گضت
يگولون غني بفرح
بعد ان قالوا جميعهم بحزن (يگولون غني بفرح ) ثلاث مرات ،
هدأ الجميع صوت ساچت والشفل والرفاق الذي اصطحبوا الحافلة الى النهاية !
وعد معارج
179 views15:14
م
