2021-01-20 00:28:39
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل افتتح صلاته فقال:
اللَّهمَّ ربَّ جبريلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ، فاطرَ السَّمواتِ والأرضِ، عالِمَ الغيبِ والشَّهادةِ، أنتَ تحكُمُ بينَ عبادِكَ فيما كانوا فيهِ يختلِفونَ، اهدِني لما اختُلِفَ فيهِ منَ الحقِّ بإذنِكَ إنَّكَ تهدي من تشاءُ إلى صِراطٍ مستقيمٍ .
قال أهل العلم:
(اللَّهُمَّ رب جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل) خصّهم بِالذِّكر لأَنهم أَشْرَاف الْمَلَائِكَة ورءوسهم مَعَ ملك الْمَوْت.
ورد فِي ذَلِك أثران، تَفْسِير جِبْرِيل: عبد الله، وإسرافيل: عبد الرَّحْمَن.
وَذكر الْجُزُولِيّ من الْمَالِكِيَّة فِي شرح الرسَالَة أَنه سُمي إسْرَافيل لِكَثْرَة أجنحته، وَمِيكَائِيل لكَونه وُكِّل بالمطر والنبات يكيله ويزنه.
اهدني: أَي: ثبّتني على الْهِدَايَة.
اللهم رب جبريل وميكائيل
وإسرافيل: تخصيص هؤلاء بالإضافة، مع أنه تعالى رب كل شيء، لتشريفهم وتفضيلهم على غيرهم.
قال ابن حجر : كأنه قدَّم جبريل لأنه أمين الكُتب السماوية، فسائر الأمور الدينية راجعة إليه، وأخَّر إسرافيل لأنه أمين اللوح المحفوظ والصُّور، فإليه أمر المعاش والمعاد، ووسَّط ميكائيل لأنه أخَذ بطرف من كل منهما لأنه أمين القَطْر والنبات ونحوهما مما يتعلق بالأرزاق المقوّمة للدِّين والدنيا والآخرة، وهما أفضل من ميكائيل، وفي الأفضل منهما خلاف .
ذِكر هؤلاء الثلاثة يدل على شرفهم، وهذا فيه التَّوسل إليه سبحانه وتعالى بربوبيته العامَّة، والخاصَّة لهؤلاء الثلاثة من الملائكة الموكّلين بهذه المهام والأعمال العظيمة الجليلة، فجبريل عليه السلام مُوكَّلٌ بالوحي الذي به حياة القلوب والأرواح، وميكائيل مُوكَّلٌ بالقَطْر الذي به حياة الأرض والنَّبات والحيوان، وإسرافيل مُوكَّلٌ بالنَّفخ في الصُّور الذي فيه حياة الخلق بعد مماتهم .
وقال ابن تيمية:
العمل أو التكلُّم به -بهذا الدعاء- إذا لم يترجح عنده أحد القولين، بعد أن يقصد الحق بقلبه ويبحث عنه، فإنَّ الله لا يخيّب من هذه حاله.
كما جرى لموسى عليه السلام لمّا قصَد تلقاء مدين ولا يدري الطريق المعيَّن إليها قال { عَسَى رَبِّي أَنْ يَّهْدِيَنِى سَوَاءَ السَّبِيل} [القصص22]
وقد هداه الله وأعطاه ما رجاه وتمناه.
وقال ابن القيم ـرحمه الله- وإذا عظم المطلوب وأعْوَزك الرفيق الناصح العليم، فارحل بهمّتك من بين الأموات، وعليك بمُعلِّم إبراهيم.
وكان شيخُنا كثيرَ الدعاء بذلك، وكان إذا أشكلت عليه المسائل يقول: "يا مُعلِّم إبراهيم علِّمني"، ويُكثر استغاثته بذلك.
وقال الإمام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
"...وليفزع الإنسان إلى ربّه عز وجل عند تعارض الآراء، يفزع إلى ربّه عز وجل بأن يهديه صراطه المستقيم، وليقل:
(اللهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكائِيلَ وَإسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّماوَاتِ وَالأرْض، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَة، أَنْتَ تَحْكُمْ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيما كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ. اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإذْنِكَ، إنّكَ تَهْدِى مَنْ تَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم).
وليستغفر الله عز وجل من ذنوبه فإنّ الذنوب تحُول بين الإنسان وبين الوصول إلى الصواب.
لأنَّ المطلوبَ هُدًى يحيا به القلب، وهؤلاء الثلاثة ملائكة قد جعل اللهُ تعالى على أيديهم أسبابَ حياة العباد، الحياة بأنواعها"، يقول: "أمَّا جبريل فهو صاحب الوحي الذي يُوحيه اللهُ إلى الأنبياء، وهو سبب حياة الدنيا والآخرة، وأمَّا ميكائيل فهو مُوكّل بالقطر الذي به سبب حياة كلِّ شيءٍ، وأمَّا إسرافيل فهو الذي ينفخ في الصُّور فيُحيي اللهُ الموتى بنفخته، فإذا هم قيامٌ لربِّ العالمين".
وقوله صلى الله عليه وسلم: فاطر السماوات والأرض، فهذا كما قال تعالى {فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا}
فَكُلُّ ذَلِكَ وَشَبَهُهُ وَصْفٌ لَهُ سُبْحَانَهُ بِدَلَائِلِ الْعَظَمَةِ وَعَظِيمِ الْقُدْرَةِ وَالْمُلْكِ .
نجد أن أول السورة افتتحت بالحمد لله، لأنه سبحانه فطَر السماوات والأرض، وهذا يدل على أن خلقه للسماوات والأرض وما ذُكر أيضًا أنه جعل الملائكة رسلًا كله يدل على عظمة الله وكمال قدرة الله وعلى استحقاقه سبحانه للحمد لذاته ولعظمته وجلاله وكمال قدرته، مع ما في هذه المخلوقات من النّعم على بني آدم.
يعني لأن الحمد هو الثناء على المحمود بكمال الصفات وجميل الإنعام.
فنحن نقول أن ما به سبحانه من أفعال يُحمد عليها تعالى لأنها دالة على عظمته وعلى كمال قدرته مع ما فيها من نِعم على بني آدم.
يعني الله بخلق السماوات والأرض يستحق الحمد لذاته، ولإنعامه على خلقه بالسماوات والأرض.
فيصير فيه معنيان هنا في الحمد:
معنى الثناء على الله بكمال الصفات.
والثناء على الله بجميل الإنعام.
3.0K views21:28
د
