قصص الحُبّ.. التي تَقُصّها علينا الروايات وتضجّ بها القنوات، | مَكين - MAKEEN

قصص الحُبّ..

التي تَقُصّها علينا الروايات وتضجّ بها القنوات، وتمتلئ بها ورقات الكتابات، جميلة، وممتعة، وتُخرِج الإنسان من ضيق هَمّه إلى رَحابة يومه، ولكن هناك جزء من النّص مفقود، علينا تسليط الضوء عليه قليلًا، حتى يتضح لنا المعنى دون تقصير

مشاهد الوُدّ محفوفة باختلافات، ومواقف العشق لا بد لها من فترات، وأنّ لحظات المُحبّين تتعرض لمَدٍّ وجَزر، لشدّة ولين، طباعة الصورة الوردية في أذهان الجيل عن الحُبّ تجعلهم يظنون أن الزواج خالٍ من أي خلاف، مليء بالورود محفوفٍ بالجماليات، يجعلهم يصطدمون عند أول عقبة، ينهارون عند أول تضاد، لأن الصورة الثابتة أنّ لحظات العشق لا يشوبُها همّ ولا تحديات! ودوام الظّن أن الأيام خالية من صعوبات، يبني قلوبًا هَشّة تقع عند أول نقاش.

المشروع يحوي اختلاف الرأي والاهتمامات، اختلاف التربية والقناعات، وهنا يكمن الحُبّ، وتظهر صورة الإحسان، وتبرز مكانة التَقَبّل، وأن الزواج ليس معناه أن تجد من يشبهك طبق الأصل ولكن من يُكملك، من ترضى به على ما هو عليه، من تتقَبّل ضعفه لتُقوّيه، ويقبل ضعفك ليقويك، مَن إن نظرت إليه تَراك، تفتح قلبك فتفرح.

تُنحَت اللوحة لتظهر تقاسيم الجَمال فيها، ويُبرى القَلَم لتحسين خطّه واستمرار سيره، وهكذا مشروع الزواج، يُبنى على الإحسان، ويرتفع بالتضحية، ويَعظُم بالتَّقَبّل، ويستمر بالتَّحَمُّل، و يتجمّل بالمشاركة، و يتّزن باحترام القناعة، ويَسهُل بمعرفة الدّور وتغطية الثَّغر، هناك آلاف القصص التي تقطُر حُبًا و تسيل عذوبةً وجلالًا، تستتر خلف الحياء وجمال الحلال

فليس الحبّ ما نراه دائمًا، قد يكون جمال الكون في ابتسامة الصباح وكلمة المساء و تقدير الجهد، و لطافة القُرب، والدعاء المستمر، وتفاصيل بعيدة عن كل البعد عن الـ Show أمام الجماهير، بعيداً عن الاعجابات والتعليقات، آلاف التفاصيل يعيشها القلب بحُلوها ومُرّها، باجتياز صعوبة الحياة وقسوة الأيام و شتات الأفكار، بالاحتواء رغم الألم، بالتَّفهُّم رغم الخلاف، بالتّقبّل رغم الاختلاف، بالنقاش المستمر، بعدم التراكم، بالمصارحة الواضحة، لا المقارنة الفاضحة

لا تترك يومًا دون محاولة تهذيب القلب وما حوى، بمعرفة حقّك وحقّ غيرك، ولا تنسَ يومًا «فإنّه يراك» إن أحسنت وإن أخطأت، واعلم أن الله يراك، يعلم خطاك، ويعلم تَقَلُّبات قلبك، وحَنين حُبّك، وأنين احتياجك، يعلم عن دمعتك خلف ستار قوّتك، وعن دعوتك تحت جناح الظلام.

يا صديقي، حمى الله قلبك، وآتاك من الحلال زيادة
إنّ أجمل الرّزق بعد ثبات الدّين، نَباتُ القلب بمن يُحِبّ

- قصي العسيلي