2021-07-21 12:39:24
احذر من الوقوع في هذا الفخ الخطير الذي ينصبُه فسقةُ الجنّ لبني آدم!يُصاب بعض الناس أحياناً ويُبتلى في نفسه أو ولده أو قريبِه أو قريبته بالسحرِ والمسّ ونحو ذلك، لا سيّما مع كثرةِ الحسد في الناس وقلة الدّين ولجوء كثير من الناس ممن ملأ قلوبهم الحسد والشر لهذه الأعمال من إتيان السحرة والمشعوذين لإيقاع الضرر بمن يكرهون ويحسدون!
ويبدأ بعدها المُبتلى بالبحث عن العلاج والخلاص من هذه المصيبة وهذه البلية، ولكن وللأسف يقعُ بعضُ الناسِ في خطأ خطيرٍ وهو أنهم عندما يعالجون المريض بالرقية الشرعية ويتكلم الجن على لسانه يسترسلون في الكلام معه وقد يصدقونه في كلامه ويبنون على ذلك القصور والعلالي من اتهام الأبرياء وظُلم الناس من غير تثبت ولا بيّنة سوى خبر هذا الجني الذي لا يعرفونه أمُسلمٌ هو أم كافر، أصالحٌ هوَ أم فاجر، والله تعالى يقول:
﴿
يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهالَةٍ، فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ﴾ [الحجرات ٦]
ومعلومٌ أن الجن لا تُقبل أخبارهم ولا يُؤخذ منهم العلم، لأنه يغلب عليهم الكذب لقوله ﷺ لأبي هريرة رضي ﷲ عنه عن الشيطان الذي كان يسرق من تمر الصدقة في: «
صدقك وهو كذوب».
وليُعلم أن من أعظم مقاصد الشيطان التفريق بين الزوجين والأقارب وإيقاع الفتنة والقطيعة والشرّ بين الناس، فعَنْ جابِرٍ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«
إنَّ إبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلى الماءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَراياهُ، فَأدْناهُمْ مِنهُ مَنزِلَةً أعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذا وكَذا، فَيَقُولُ: ما صَنَعْتَ شَيْئًا، قالَ ثُمَّ يَجِيءُ أحَدُهُمْ فَيَقُولُ: ما تَرَكْتُهُ حَتّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وبَيْنَ امْرَأتِهِ، قالَ: فَيُدْنِيهِ مِنهُ ويَقُولُ: نِعْمَ أنْتَ!».
قالَ الأعْمَشُ: أُراهُ قالَ: «
فَيَلْتَزِمُهُ».
[مسلم (٢٨١٣)]
قوله: «
فَيَلْتَزِمُهُ» أيْ يَضُمُّهُ إلى نَفْسِهِ ويُعانِقُهُ تكريماً له وإعظاماً لفعله.
قال الحافظُ ابنُ كثير:
«وقَدْ أوْرَدْنا هَذا الحَدِيثَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿
فَيَتَعَلَّمُونَ مِنهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ المَرْءِ وزَوْجِهِ﴾ [البقرة ١٠٢].
يَعْنِي: أنَّ السِّحْرَ المُتَلَقّى عَنِ الشَّياطِينِ مِنَ الإنْسِ والجِنِّ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ المُتَآلِفِينَ غايَةَ التَّآلُفِ المُتَوادِّينَ المُتَحابِّينَ، ولِهَذا يَشْكُرُ إبْلِيسُ سَعْيَ مَن كانَ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ، فالَّذِي ذَمَّهُ اللَّهُ يَمْدَحُهُ، والَّذِي يَغْضَبُ اللَّهُ يُرْضِيهِ -عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ-».
[البداية والنهاية (١/١٣٨)]
والخلاصة أنه يترتب على تصديق الجن المتلبس بالإنس الكثير من المفاسد كما هو مشاهد، ومن أعظمها:
الفتنة والوقيعة بين الناس، عندما يزعم الجن -مثلا- أن فلانًا هو الذي صنع السحر وذلك أمام الحاضرين مما يؤدي إلى إلقاء العداوة والبغضاء بين المسلمين، فكم من أرحام قُطِّعَتْ، وبيوت خُرِّبت، وأُسَر هُدِّمت، بسبب ذلك، وإلى الله المشتكى.
فالحذر الحذر من تصديقهم فهم يتعمدون الكذب للإفسادِ بين الناس وتقطيع الأرحام والأواصر.
121 views09:39