2022-01-10 19:36:30
شابٌ مُسلِمٌ سافرَ إلى أحدِ بلادِ الغرب، فقال:
كُنتُ أسيرُ ذات مرةٍ في أحدِ الشوارع بسيّارتي الخاصَّة، وبعدما رجعتُ إلى المنزلِ جاءَني أحدُ ضُباط الشُرطة لأمرٍ ما، فقال لي أنه يجبُ عليّ دفعُ غرامةٍ لأنني كسرتُ الإشارةَ في طريقٍ مَشيْتُ فيه بسيّارتي.
أنكرتُ هذا بشدَّةٍ، وأخبرتُه أنه مُحالٌ أن أفعلَ هذا، بل أنني لم أَمْشِ في هذا الطريقِ أصلًا!
فطَلبَ مني الحُضورَ في قِسْمِ الشُرطة، فوافقتُ.
دخلتُ عندهم وأنا في حالةٍ عصبيَّةٍ شديدةٍ مما يحدثُ، فكيف بهم أن يَظلموني لهذا الحدّ!!
فطَلبَ رجالُ الشُرطة مني الهُدوء، وقاموا بفتح مقطعٍ صغيرٍ فيه أنا عندما كُنتُ أسوقُ سيّارتي .. في الطريق الذي قالوه لي .. وبالفعل قد كسرتُ الإشارةَ.
اكتشفتُ أنه كان هُناك كاميراتٌ للمُراقَبة وسجَّلتْ ما حدث، فاضطررتُ لدفعِ الفرامةِ؛ فالدليلُ قد ظهرَ ولا مجالَ للإنكار.
بعدها بحوالي أسبوعٍ كُنتُ جالسًا في منزلي أقرأُ القُرءان، ومررتُ على آيةٍ صُعِقتُ منها!
قرأتُ قَوْلَ اللهِ سُبحانه: " وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً ۚ كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ "
تذكَّرتُ حينئذٍ ذاك المَوْقِفَ الذي أنكرتُ فيه ما فعلتُه، وقارنتُه بحياتي كُلِّها.
كم مرة لم أغُضْ بصري؟
كم مرة تخفَّيتُ من النَّاسِ لأَعصِيَ ربَّ النَّاسِ؟
كم مرة اغتبتُ فُلانًا؟
كم مرة سَخِرتُ من فُلانٍ؟ وكم مرة سببتُ هذا وذاك؟
كم مرة ذهبتُ إلى مكانٍ يُعصَىٰ فيه الله مع عِلمي؟
كم مرة عققتُ والدايّ؟
كم .. كم .. كم .. الخ.
وظللتُ أُفكِّر وأُفكِّر، وكاد عقلي أن ينفجرَ!
فإنني لم أَنْفَلِتُ من عيونِ الشُرطةِ وهُم مِثْلِي مخلوقون، فكيف بالخالِقِ الذي يَراني؟ والذي يُراقبُني في كُلِّ ثانيةٍ؟ كيف بالمَلكيْنِ الذيْنِ يكتُبَانِ ما أفعله ولا يُغادران صغيرةً ولا كبيرةً إلَّا وقد سطَّروها عليّ؟ كم غفلتُ عن هذا، وكم أرعبتْنا عُيونُ البشر ونسيْنا ربَّ البشر!
في يَوْم القيامة.. هُناك.. غالبًا ستكتشفُ مَنْ أنتَ لأوَّلِ مرةٍ، ستكتشفُ لأوَّلِ مرةٍ أعمالَك وأقوالَك التي نَسِيتَ، بل وستَعرفُ نواياك الحقيقيَّة وتُعرَضُ عليْك جميعُها.
ستَرىٰ نَفْسَك هُناك مِثْلَما رأيتُ نَفْسِي في قِسْم الشُرطة بالصوت والصُورة، ولم أستطِعْ الإنكار، وأنت كذلك هُناك لن تستطيعَ الإنكارَ.
" وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا "
45 views16:36