Get Mystery Box with random crypto!

اختلاف مراتب الطاعة بحسب مراتب المحبة والإخلاص يقول السيد عبد | 🌿 معراج الروح 🌿

اختلاف مراتب الطاعة بحسب مراتب المحبة والإخلاص

يقول السيد عبدالأعلى السبزواري [رحمه الله] :

"المراد من الطاعة - الّتي هي الوسيلة للوصول إلى الدرجات الرفيعة السامية والأفق القريب منه جلّ شأنه ، وهي الّتي أكّدت عليها الآيات الشريفة ودعى إليها الأنبياء والأولياء بألسنة مختلفة واهتمّوا بها ؛ لأنّها المبعث لتكريم الإنسان ونيله أشرف المراتب وأجلّ المقامات ، وهي الانقياد الكامل والامتثال مع الإخلاص لجلب رضا الحقّ وترك ما سواه .

ولها مراتب كثيرة - بل متفاوتة - حسب إخلاص العبد ومقام العبوديّة ، بل حسب درجات الحبّ والمحبّة له جلّت عظمته ، ففي الأثر : « إنّ اللّه تعالى أودع أنوار الملكوت في أصناف الطاعات » . فأعلى مراتبها قتل النفس في الحقيقة وقمع هواها الّتي هي حياتها ، قال تعالى : قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها * وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها [ سورة الشمس ، الآية : 9 - 10 ] ، وبالخروج عن عالم المادّة . ومن مراتبها تسليم النفس إليه تعالى ودوام المراقبة لها ، كما ورد ذلك في روايات مستفيضة عن المعصومين عليهم السّلام وفي الدعوات المأثورة عنهم ، وفي الأثر : « كنّا في طريق مكّة ، فإذا بشاب قائم في ليله يناجي ربّه ويقول : يا من شوقي إليه ، وقلبي محبّ له ، ونفسي له خادم ، وكلّي فناء في إراداتك ومشيئتك ، فأنت ولا غيرك ، متى تنجيني - إلى آخره - قلت له : رحمك اللّه ، ما علامة حبّه ؟ قال : اشتهاء لقائه . قلت : فما علامة المشتاق ؟
قال : ليس له قرار ولا سكون في ليل ولا نهار من شوقه إلى ربّه . قلت : فما علامة الفاني ؟ قال : لا يعرف الصديق من العدو ، ولا الحلو من المرّ من فنائه عن رسمه وجسمه . قلت : فما علامة الخادم ؟ قال : إنّه يرفع قلبه وجوارحه وطعمه من ثواب اللّه - إلى آخره » ، وعن نبيّنا الأعظم صلّى اللّه عليه وآله : « لا يكون أحدكم كالعبد السوء إن خاف عمل ، ولا كالأجير السوء إن لم يعط لم يعمل » . وعن سيد العرفاء عليّ عليه السّلام :
« إلهي عبدتك لا خوفا من نارك ولا طمعا في جنّتك ، بل وجدتك أهلا لذلك فعبدتك » .

وبالطاعة الحقيقيّة ينال الإنسان الدرجات الرفيعة والمراتب الشريفة ، ويتجاوز عن حدّ الكمال ويصل إلى درجة التكميل ، فتكون له المعيّة في الدرجة لا في الاتّحاد - كما في بعض الروايات - لأنّ التساوي في كلّ جهة معه محال ، كما ثبت في الفلسفة الإلهيّة .

كما أنّ العصيان والتجرّي بالإعراض عن طاعة الرحمن والإقبال على طاعة الشيطان ، يصل الإنسان إلى أسفل الهاوية ومنتهى الهلاك ، وإنّ له أيضا مراتب ، وعن نبيّنا الأعظم صلّى اللّه عليه وآله : « كلّ أمتي يدخلون الجنّة إلّا من أبى . قيل : يا رسول اللّه ، ومن أبى ؟ قال : من أطاعني دخل الجنّة ، ومن عصاني فقد أبى » ، فإنّ إطاعته إطاعة اللّه تعالى ، كما أنّ عصيانه كذلك ، كما تقدّم ."
___
مواهب الرحمن.
@meragalrooh