2022-06-22 18:40:20
* التوازن في حياة المسلم *
https://chat.whatsapp.com/JhAW5i7sjrKIGWaeWsGMRp
من بديع صُنع الله تعالى وعجيب قُدرته في هذا الكون الفسيح الذي نشاهدُه - أنه متماسك ومترابط، ومتوازن ومتآلف في كل صغيرة وكبيرة وحركةٍ وسكونٍ، بشكل دقيق، وعجيبٍ يتحير ويندهش أمامه العقل البشري؛ وذلك لحكمة ربانية أرادها الله تعالى، وسيبقى هذا التوازن المتْقن والانسجام التام سببًا لاستمرارية الحياة وبقائها على وجه المعمورة إلى أن يشاء الله تعالى.
فالتوازن سنة مِن سُنن الحياة، وعنصر مهم للغاية في كل شيء، وسر من أسرار البقاء في الفضاء والمجرات، والكواكب والنجوم، وعالم الحيوان والنبات، والبحار والأنهار، والحياة البشرية والعلاقات الإنسانية.
وقد أشار القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة إلى مبدأ التوازن في كثيرٍ من النصوص وبيان حكمته،
فقال تعالى: *﴿ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾* [الطلاق: 3]؛
أي: "جعل لكل شيء وقتًا ومقدارًا، لا يتعداه ولا يقصر عنه"؛
تفسير السعدي رحمه الله
وقال تعالى: *﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾* [القمر: 49]،
قال البغوي: قال الحسن: قدر اللهُ لكل شيءٍ منْ خلقه قدرَه الذي ينبغي له.
ومن أمثلة التوزان في الكون من حولنا الانسجامُ الدقيق بين حركة الأرض حول الشمس ، والتناغم العجيب بين الشمس والقمر، وبين الأرض والسماء، وبين الليل والنهار، والحياة والموت، وحتى بين أصغر ذرة وأخرى من ذرات الكون؛ مما يدل دلالة واضحة على عظمة الخالق سبحانه وتعالى، وقدرته وحكمته وسَعة علمه؛
قال تعالى: * ﴿ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾* [يس: 40].
والمسلم مطالب بالتوازن والاعتدال في حياته اليومية، *من التوازن *
بين العبادات والمباحات،
وبين حقوق الأهل والعمل،
وبين الراحة والتعب،
وبين الحياة الفردية والاجتماعية،
وبين الشدة والرأفة،
والمزاح والجد،
ودعوة الناس بالحكمة وقوة الدليل،
والتوازن في الحب والكُره،
وبين النقد وروعة الأسلوب،
والتوزان بين قول: "نعم"، و"لا"،
وبين العمل الدنيوي والحرص على الآخرة،
وبين المبادرات وردود الأفعال.
وقيل:
فكنْ على حالةٍ وسْطى تكن رجلًا *** بالجد متسمًا بالبِشر مبْتسمَا
ومن فوائد التوازن أن يسعد الإنسانُ في حياته، بعيدًا عن الكآبة والضجر، والإحباط والملل، ويعيش حياة هادئة سمحة راضية متفائلة، ذات أمان داخلي وخارجي، وأن يسيطر بإذن الله تعالى على الحالة النفسية السيئة والقلق الناتج عن إخلال التوازن في عجلة الحياة.
وحتى نستمتع بالتوازن المناسب، ونتمكَّن من التعامل مع الظروف المحيطة بنا، لا بد أن نراجع حساباتنا في جوانب الحياة كافة، *وعلى رأسها الجانب الديني أو الروحي، (علاقتنا بالله تعالى) والتزامنا بدينه* حيث إن تحسين هذا الجانب هو الأساس الذي يُبنى عليه صرح السعادة،
وإن القصور أو الفتور فيه سببٌ رئيس لضنك العيش والشقاء!
قال تعالى:
*(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾* [النحل: 97].
قال تعالى:*(ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب)* الطلاق:2-3.
فتقوي الله مخروج من الغم والمحنة، وفتح باب الرزق للمتقي من حيث لا يحتسب
قال تعالى:
*(الذين آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)* [الرعد : 28]
إن ذكر الله تعالى سبب للحياة الطيبة والإكثار من ذكر الله براءة من النفاق، وفكاك من أسر الهوى، وجسر يصل به العبد إلى مرضاة ربه وما أعده الله له من النعيم المقيم،
وعلى الضد من ذلك التارك للذكر، الناسي له؛ فهو ميت لا يبالي الشيطان أن يلقيه في أي مزبلة شاء،
قال تعالى: *{ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ }* [الزخرف:36]
وقال سبحانه: *{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى }* [طه:124].
كما يجب ألا نغفل بقية الجوانب للحياة من الجانب الاجتماعي والأسري وعلاقتنا بالأهل وذوي الأرحام، والجانب العقلي وعنايتنا بالثقافة والمعرفة، كذلك الجانب المالي، والتوازن بين الإيرادات والمصروفات، فنسترشد فيه بقوله تعالى: *﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾* [الفرقان: 67].
ولا ننسى الجانب الصحي أو الجسدي، والمهني أو الوظيفي، وذلك بأن نعطي كل جانب حقَّه ووقته، ونراعي التوازن، فكل ما زاد عن حدِّه انقلب إلى ضده كما تقول الحكمة.
ألا فاسْتَقِمْ في كل أمرِكَ واقتَصِدْ **
فذلك نَهْجٌ للصراطِ قَوِيمُ
ولا تكُ فِ
26 views15:40