Get Mystery Box with random crypto!

هل يمكن الإصلاح من الداخل حدثت معنا في الثورة مرارا | المدون معتز ناصر ( جاد الحق ) Motaz Nasser

هل يمكن الإصلاح من الداخل


حدثت معنا في الثورة مرارا أن شخصا نعرف نزاهته، وكفاءته نستبشر خيرا بدخوله لمؤسسة نظن أنها تحتاج إصلاحا، ثم تكون النتيجة إما باستقالته المبررة باليأس والعجز، أو لفظه خارجا من قبل الكيان الذي دخل فيه لإصلاحه، أو تماهيه وانغماسه في حالة الفساد التي ظن أنه يستطيع إصلاحها، أو تحوله من شخص مبادر وحريص على المصلحة العامة، لموظف مدجن يبتلع لسانه خوفا على لقمته...

هذا الأمر بظني ينتج عن فهم خاطئ لكيفية سير الأمور، فالأصل أن تأثير المؤسسات والكيانات بالأفراد، أقوى من تأثير الأفراد بالمؤسسات والكيانات، وكل شخص عمل عكس هذه القاعدة غالبا سيحول به الحال لما قدمنا سابقا من يأس وانسحاب، أو طرد، أو تماهٍ وتكيف، أو استسلام وسكوت عن الواقع .

مما يجب أن يحضر في ذهننا قبل قرار الدخول بالكيانات والمؤسسات أن ننظر في الظروف التي خلقت هذا الكيان أو المؤسسة، فهل هو / هي أسس / أسست على دعائم صحيح وقويمة شرعا وغاية وقانونا وإدارة، أم أنه / أنها أسس / أسست على شفا جرف هار، ونتيجة عبث ومناورات، ومؤثرات خارجية، وضبابية في التبعية والشرعية

لنفرق بين كيان أو مؤسسة أسس / أسست بطريقة صحيحة وسليمة، ثم حصل منه / منها أخطاء وانحرفات، فهنا يمكن الإصلاح والتقويم من الداخل، أما ما أسس على الخطأ، والفوضى، وعدم الأهلية، والعبث، فلا شك أن ترجي إصلاحه من الداخل هو كمن يريد التطوع بالمخابرات الجوية لإصلاحها من الداخل .

من يصنع الكيانات الفاسدة غالبا يكون مقصده إقامة مشروع ضرار من أجل:

ضرب القيمة والشعار الذي تم التأسيس بناء عليه.

احتواء من يريد العمل، وتأطيره باتجاه مضلل، وإضاعة طاقته ووقته فيما لا طائل منه.

التخريب من الداخل ضد من يُدَّعَى أن كيان أو مؤسسة الضرار صنع / صنعت لخدمتهم.

فرض جو من اليأس والإحباط المفضيين لاستسلام ممن يريد العمل والإصلاح.

إن الشخص الجيد قيميا أو مهاراتيا أو علميا في الكيان الفاسد هو مجرم بحق نفسه ومجتمعه، لأن جهده يصب في خدمة مشروع هدام، أو في الترويج له، والأمثلة في الثورة أكثر من أن أعدها، بداية بفصائل قامت على البغي والفساد، ومرورا بمنظمات هدامة للمجتمع وقيمه، وانتهاء بحكومات ومجالس محلية وضعت لتنفيذ أجندات مشبوهة أو خارجية، أو أجسام سياسية قائمة على المحاصصة، والتشاكس بين أفرادها.



ما الحل

كل الحلول تبدأ من التشخيص السليم للواقع، ثم الاقتناع بأن تجريب المجرب، وتدوير الحلول السابقة، والنفخ بقربة مقطوعة كلها أمور لن تجدِ نفعا.

ثم علينا أن نصرف وقتنا وجهدنا في بناء النموذج السليم، وتقويته، بدلا من ترقيع النماذج الفاسدة الاحتوائية التي فرضها غيرنا علينا.

ذريعة "إن لم أكن أنا من يدخل ويصلح فسيكون غيري يدخل ويفسد" مغالطة خاطئة من أوجه كثيرة، فيكفي أن تصون اسمك وعملك عن الشبه والزلل، بينما غيرك لا، ويكفي ألا ترضا أن تقع بنفس الفخ من عدوك آلاف المرات، ويكفي ألا تحول نفسك من مصلح مؤثر فاعل، إلى أجير مدجن مفعول به...

رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى نموذجا مجتمعيا وسياسيا ودينيا راشدا، لأنه لم يخدع بالدخول في حلول إصلاحية، وطروحات توافقية، ومبادرات ترقيعية، نسجت أحبال زيفها لاحتوائه صلى الله عليه وسلم من قريش، ولذلك لم يصلح من الداخل، بل بنى النموذج القويم، وبذل جهده في نصرته، وتنقيته، وفرضه على النماذج الباطلة والمشوهة.

إيهام النفس أنك العطار الذي سيصلح ما أفسد الدهر، أو المنقذ البطل الذي سيصلح بهدوء وقوة ناعمة الفساد من الداخل لمكونات أسست على غير علم أو بصيرة هو آلية دفاع نفسي لتبرير الباطل، تستخدمها النفس للمخادَعة والوهم والإقناع بالبقاء في منطقة الراحة والأمن، لأن الإقرار بعكس ذلك سيفرض على الشخص ترك منطقة الأمن لمنطقة المواجهة والمدافعة، ومغادرة منطقة الراحة لمنطقة العمل المتعب، الذي قد يكلفنا خسارة رصيد شعبي، أو مكسب مادي، أو عداوات مرهقة.

#الإصلاح_من_الداخل


معتز ناصر ( جاد الحق )


https://t.me/motaznasser