2022-08-02 14:17:20
ما كان يُقال إلا جاء أُسامةُ وأَيمنُ وراحَ أسامةُ وأيمنُ، أَوَ يُقال بعدَ ذلك استُشْهِدَ أُسامَةُ وماتَ أَيْمنُ؟ لله أَرحمُ بك!
ويَمْضِي على إِثْرِ الهِزَبْرِ ابْنِ لَادِنٍ
أُسَامَةَ حيثُ اختارَ في العِزِّ مَقْعَدَا
مَن سيروي لنا أيامكَ كما رويتَ لنا أيّامَهُ؟
اليومَ تُضرَب الكؤوس في واشنطنَ والرياض .. ويتبادَلُ التهاني طواغيتُ العرب والعَجَم .. وتُبدي أفواههم البغضاء وما تُخفي صدورهم أكبَرُ ..
وتُسكَب العَبَراتُ في ثغور المسلمين؛ بين الخنادق والمضافات .. ويصبّرُ الأَسيرُ أخاه: "أَلَم يقُل: أخي في القُدْس ما أحلى الشَهَادَة؟"
هنا حَلْقةٌ عظيمةٌ في سلسلةٍ مجيدةٍ من (فرسانٍ تحت راية النبيّ صلى الله عليه وسلّم)، وأيّ فارسٍ!
هنا (الولاء والبراء: عقيدةٌ منقولةٌ) وواقعٌ عاشَ بها وماتَ عليها.
هنا (الحصادُ…) الحلوُ الزكيّ، والمُرّ لِمَن خذلَ آلَ الجِهَاد.
هنا الذي رثَا خيرة رجال الأُمّة، وبكَى فَقدَهم.
هنا الذي بذلَ المالَ والزوجةَ والولدَ والنَّفس، مصدّقاً قوله فعلُه.
هنا تاريخُ أُمّةٍ، قالت ربُّنا الله، فأُسِرَت فعُذِّبَت فهاجرَت فقاتَلَت فَقُتِلَت .. تخيّل، تاريخُ أُمّةٍ بِرَجُل!
هنا مَن يُقال عنه: "أيها التاريخ قف! قد رحلَ عنّا رجلٌ من رجالك"
هنا الذي يَبكيهِ الشُّعّث الغُبّر المطرودون من كُلّ باب إلا باب الرحمن؛ يَبكيه المُجَاهِدونَ والمُطارَدونَ والأَسرَى.
هنا الذي لن تسمعَ «فقهاء المارينز» يَنعونَه، ولن ترى لأصحاب «الانتفاخ المَعرفي» كلمةً فيه، ولن تُقيم عليه القنوات الحِداد؛ وكفى بهذه وتلك والأخرى كرامةٌ له.
هنا الذي كان وصيتُه دوماً: فإذا سَقَطتُّ مُجَندلاً فَاحمِل سِلاحِي.
فقوموا؛ فكونوا على ما كانوا عليه، وموتوا على ذلك.. فليس بعد ذلك الخير خيرٌ!
فَطُوبَى لكُمْ آلَ الْجِهَاَدِ أَقَمْتُمُ *** بِفَيْضِ الدِّمَا صَرْحَاً وَعِزَّاً بِسَاعِدِ
وبُورِكْتُمُ سَيْفاً تَعَاهَدَ دِينَهُ *** بِرَغْمِ المَآسِي والخُطُوبِ النَّوَاكِدِ
أن تعيش أكثر من نصف حياتك مُصابراً .. أن تقف شامخاً حتى النهاية ..
أن تثبُت -بفضل الله- رغم كل النفاق، والخيانات، والساقطين، والغادرين، والمثبّطين المُرجفين .. لَأَنْتَ رجلٌ عظيمٌ بحق!
يجهل هذا الغثاء الملياريُّ قدرَك .. [وَكفَى باللهِ عَليماً]
مضيتَ لم يضرّك مَن خالفكَ ولا مَن خذلكَ!
أَعَاذَكَ أُنْسُ المَجدِ من كلِّ وَحْشَةٍ *** فإنّكَ في هذا الأنامِ غَريبُ
تقبّلك المولى شَهِيداً!
نوّعت جِهَادَكَ من سلاح وقلم؛ فعساه يكون ثواباً مختلفاً ألوانه وأجراً تتنوّع أشكاله جزاءً وفاقاً!
قد اشتاق صحبُك -المستبشرون- إليك .. واشتاق «خراسانيو الشام» -الذين سبقوك- إليك.
وإنّا لفي شوقٍ لكم جميعاً .. فعسى لقاءً قريباً على ما متُّم عليه!
أول ما رأيت الخبر في رسالةٍ من أحد الإخوة، تذكّرت ما حدّثني به أخونا أبو هاجر (شَكيم) محمد فرحان المالكي عن الشيخ الرُبيش تَقَبّلهما الله، بعدما خاضَ أناسٌ في الشيخ أَيمَن وخَوَّنوهُ، أنه قال: "كدت أبكي لمّا قالَ الشيخ أَيْمَن في إحدى كلماته: "ونُبشِّر إخواننا أننا باقون على العهد" أو كلمةً نحوها .. وقال -الرُبيش-: "هل يحتاج الشيخ أن يطمئننا؟"
تقبّلك الله وإخوانكَ في الشُهَدَاء، وغفر الله لكم، وتجاوزَ عنكم، وجعلنا من الذين تَستبشِرُونَ بهم.
وبدا للكون صُبحٌ * شاحبٌ تاه ضياهْ
وأطل البدر مكسوفاً * غريقاً في دجاهْ
وغدا الكون أسيفاً *** باكياً يروي أساهْ
مُذ ذوى شيخُ المعالي * ونعى المجد أخاهْ
مُذ بكى القُدس خليلاً * أَرْخَصَ الروح فداهْ
مُذ تناهى الحقد فاستلَّ * شُوَاظاً من لَظَاهْ
ورمى بالنار نوراً * جلَّل الشيب عُلاهْ
قَتَلُوا شيخ الفِدَا * كي يحجُبوا عنّا ذُراهْ
ما دَرَوْا أنّا بنو الموت * وُلِدْنَا في رَحَاهْ
27 views11:17