هل تاهت قدماهُ عن الطريق، أم أن الطريق نفسهُ كان غداراً فَتغيّّرَ كما تُغيّرُ كُثبانَ الرمالِ مكانها بفعلِ الرياح التي تهِبُّ على هواها، لا على هوى الراكبِ الساري؟ هل أخطأ الرمي أم أن الهدف الذي ظَنَّهُ واضحاً ثابتاً شَرَدَ عنهُ شُرودَ القَطَاة؟ هل مَطلبُ العدلِ في هذه الدنيا بَعيدُ المنالِ إلى هذا الحَد، فلا يَتحققُ على تَمّامهِ إلا في الآخرة أمام الديَّان؟ وحتى لو كان تَمامُ العدلِ مُتعذِّرا في دنيا الناس، فهل يجبُ أن يُثبِّطَ ذلك عن طلبه على قدر الوِسع؟ ثم تظهرُ أمامي ويظهرُ خيالها مظهرٌ يُقربُكَ منها ولا يُوحِشُها .. ويُطمئِنُها..
فلا تخشى على ما بيدها من المنافسة ولا تنزِلُ عنهُ يأساً ، وإن كان صورةً في الخيال ، ونجماً لا يُطال ، وقبضةٌ من ريحِ الشمال ، وأملاً يوقِدُهُ القُربُ ويُنفيهِ المُحَال .
أملِكُ منه شطراً مُحققاً .. وتملكُ منه شطراً مُعلقاً في السماء ، لا يَزيدهُ بُعدهُ إلا جمالاً وبهاء .
فهو المملوكُ المالك .. الموجودُ المفقود .. مِلءُ البصرِ والعينِ والخاطر.
فليس عجيبٌ أن يَخفُقَ قلبي لرؤيتها،بَقدرِ مايَخفُقُ قلبها.
14-10-2020
