2022-05-13 18:18:01
أنا والله أحب حاتم الطائي لكرمه، وأحب عنترة بن شداد لشجاعته، وأحب المطعم بن عدي لشهامته، وأحب عبد الله بن جدعان لإصلاحه بين الناس.. أحب أعمالهم التي عملوها في الجاهلية، وأقدرها وأراها مفخرة من مفاخر العرب.. كما يمكن أن أحب الآن وأقدر أعمال أمريكي أو فرنسي أو روسي؛ يهودياً كان أو نصرانياً.. ولكن ألا يتم حبي لأعماله الطيبة وتقديري لها إلا بأن أدخله الجنة أو أرفعه إلى مقام الشهادة إن مات أو قُتل؛ في الوقت الذي لا أعرف فيه أنا نفسي مصيرَ نفسي، ولا على أي شيء سيقبضني الله جل علا؟!
مَن الذي يحتكر الجنة الآن؟!
مفاتيح الجنة والنار ليست في يد أحدٍ امتلاكاً.. ولكنها في النهاية (مفاتيح) لا تُفتح الجنة إلا بها.. وخالق الجنة الذي نعبده نحن المسلمين أخبرنا بشروط فتح الجنة؛ فنحن نقف عند هذه الشروط ولا نخترع شروطاً من عند أنفسنا.. أما أنتم فيبدو أنكم تريدون أن تصبحوا آلهة مع الله أو فوق الله- حاشا لله- لتقرروا له جل وعلا مَن يدخل الجنة ومَن يدخل النار!!
الحقيقة.. أنتم لستم معاتيه فقط.. بل سفلة أفاكون مجرمون تقيمون محاكم تفتيش لكل من يخالفكم الرأي معتمداً على أصول الدين وأحكام الشريعة؛ لإسقاط أصول الدين وأحكام الشريعة!!
لا يا سفلة.. لن نترحم على غير مسلم أبداً حتى لو كنا نحب أعماله ونقدرها ونحزن لألمه ومصابه.. لن نترحم عليه، كما لن نسكت- وقتَ البيان- عن الصدع بإثم من يترحم عليه أو يرفعه لمرتبة الشهادة!!
سلوا قساوسة النصارى الصادقين مع أنفسهم عن ميت لم يعرف المسيح.. هل له نصيب في ملكوت السماء؟! سلوا أحبار اليهود عن مثل ذلك؟! سلوا أصحاب كلِّ ملةٍ أو نحلة تؤمن بالبعث والنشور واليوم الآخر عمن لا يؤمن بملتها أو نحلتها.. ما مصيره؟!
لماذا تصرون على حشر الدين في وساخات عقولكم؟! إن كان لا يهمكم الدين أصلاً فلماذا تُدخلونه في كل سفالة تتسافلون بها وفيها؟!
عزوا أهلها- صَبَّرَهُم الله- ونُعزيهم معكم؛ بل قبلكم.. عزوهم بما يُعزِّي به المسلمُ غيرَ المسلم؛ بالصبر وجبر الكسر والإخلاف.. وأمثال ذلك من كلمات التعزية التي لا تنتهك محرماً ولا تُسقط أصلاً.. أما أن تجبرونا على ارتكاب محرم في التعزية، أو تمرروا محرماً- مستغلين حالة الحزن والتعاطف-؛ فلا والله لا يمكن السكوت عن ذلك أبداً..
***
وأنتم يا من تتحدثون عن (الذوقيات) و(أدب الوقت)، و(لكل مقامٍ مقال): (اقعدوا على جنب الله يهديكم).. إنْ كان هان عليكم دينُكم فجعلتم الدفاع عن أصوله ساعةً وساعة، أو جعلتم الله جل وعلا أهون الناظرين إليكم بدعوى الذوق وأدب الوقت؛ فإنه لا يزال في المسلمين مَنْ لم يَهن عليه دينه، لا يزال في المسلمين مَن يرى دينَه لَحمَه ودَمَه.. وإنكم والله لأحق الناس بالتعزية لمصابكم في دينكم.. ولا مصيبة كمصيبة الدين!!
***
إنَّ هذه الزوابع التي يثيرها العلمانيون المرضى بوهم الإنسانية، والمتأسلمون المرضى بِعُقدِ النقص؛ فيها من الخير أضعاف ما فيها من الشر.. (إذا ما خربت ما بتعمر).. وهذا الخراب المنتشر الآن سيعقبه عَمَارٌ كبير يقر اللهُ به أعينَ الموحدين، ويُسعد به قلوبهم، ويكبت به أهل الزيغ والضلال.. سيتعلم الجاهل، ويتنبه الغافل، ويستقيم المنحرف.. "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم"!!
627 views15:18