2022-08-20 17:24:23
إشارة سلوكية هامة
لم يكن بعض الأساتذة في السلوك يحبذ طريقة إلزام النفس بالنذر في العبادات والأذكار والصوم وما شاكلها.
لأن الأثر التربوي لذلك يكون فقط تقييد النفوس التي يمكن أن تتشتت وتنشغل بالكثرات،كي لا تجد محلا للفرار وهنا حتى لو حصل التزام مؤقت فإنه مع زيادة المدة سوف يُحدث آثار سلبية متعِبة للنفس.
فمن التوّهم أن يظن أحد بأن الإلزامات والفرائض كلما زادت-بالنذر مثلا-فإن ذلك أدعى لتكامل النفس ورقيّ الروح،بل إن للمستحبات والنوافل كما ورد في الحديث القدسي المعروف(1)المرتبة الثانية بعد الفرائض الإلهية في الإرتقاء للقرب لا أن الفرائض والأمور التي يكون فيها إلزام النفس وحدها هي الموصلة.
لابد أن تكون النفس غير مقيدة،وفي ذلك الحين ومع ذلك الحال يسعى الإنسان للمواظبة على العبادات،لا أن يقيدها بالنذر وما شابهه،فيقول:(سوف ألتزم بعدم النوم بين الطلوعين من خلال النذر)لأنه ما الذي يحصل بعدها؟
سوف يلتزم مدة معينة بذلك عن رغبة، ولكن بعدها سيقوم بذلك فقط لأنه مجبر وملزم بنذر يخشى مخالفته
وكم من فرقٍ بين هذا وبين من يلتزم باختياره وإرادته دون عامل خارجي بل ربما لا يفكر في النوم ولا يميل له ذلك الوقت من تلقاء نفسه وصميم قلبه.
ورد في مضمون الخبر عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال بأن الشمس لا تتذكر يوماً أشرقت فيه وأنا نائم.
ونحن هنا لا ننكر وجود الإلزامات وأهميتها في الشرائع الإلهية ولكنها محددة ومشخصة،ولكن حديثنا عما يضيفه الإنسان على نفسه بمثل النذر فهذه هي التي لها عوارض جانبية
(1)حدیث قرب النوافل: عن ابي جعفر ع قال : عن قول الله: مَا يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا اِفْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَ إِنَّهُ لَيَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّافِلَةِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ إِذاً سَمْعَهُ اَلَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَ بَصَرَهُ اَلَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَ لِسَانَهُ اَلَّذِي يَنْطِقُ بِهِ وَ يَدَهُ اَلَّتِي يَبْطِشُ بِهَا إِنْ دَعَانِي أَجَبْتُهُ وَ إِنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ.
(الكافي (ط - الإسلامية)، ج2، ص: 352)
قناة سماحة الشيخ جعفر الناصري في التلغرام: http://t.me/nasery_arabic
1.7K views14:24