2022-11-17 20:59:19
* قصة الليلة *
* *تحت_أجنحة_البرزخ* *
┈━━═•✾•❀•✾•═━━┈
*((الجزء _29 ))* إن ابنك مرتضى لم يزل في عالم الدنيا , وهو الآن شاب مؤمن متدين جمَع مبلغاً من المال خلال سنة من الجهد والتعب والعناء لغرض شراء وسيلة نقل له ولعائلته , ولكن عندما علم بوجود سبعة عوائل فقيرة في منطقته لا تملك قوت يومها ، عزم على تقسيم المبلغ بينها وأهدى ثواب عمله هذا إليك , فأمر الجليل الأعلى بعدم ادخالك في جبل النار كذلك نجاتك من عذاب عشر سنين أخرى .
غمرتني فرحة شديدة فلم أتمالك نفسي , وكأن روحي تحاول فك القيود والتحليق في عالم الفرحة والسرور , حتى خشيت الوقوع من على ظهر هذا المخلوق الذي لم يزَل يقطع المسافات الطويلة حتى أوصلنا المقصد .
لم أكد أضع قدمي أرضاً حتى تذكرت أن مدة العذاب كانت إحدى وخمسين سنة وثمانية أيام قضيت منها ثلاثين عاماً وعُفي عني عشرون, اذن بقي عام واحد وثمانية أيام .
آه الويل لي و صرخت صرخة المجنون :
- أنا الآن لا أريد العودة إلى النار , لا لا أريد , لا أطيق لحظة واحدة فيها .
أراد أحد الملائكة أن يجرني ويأخذني إلى الغرفة المقصودة ولكني أبيت ذلك وأجبته قائلاً:
- إنني أريد أن أناجي الجليل الأعلى , أريد أن أتوسل وأتضرّع إلى ربي , أليس الله هو الرحمن الرحيم ؟
أليس هو أرحم الراحمين ؟
أليس هو حبيبي في الدنيا فكيف يتخلى عني في الآخرة ؟
ألقيتُ بنفسي ساجداً ودموعي جارية وقلبي منكسراً وأملي منقطعاً من كل شيئ سوى الله وقرأت كلمات كثيراً ماترددت على لساني في الدنيا :
- ((اِلـهي وَسَيِّدي وَرَبّي، اَتُراكَ مُعَذِّبي بِنارِكَ بَعْدَ تَوْحيدِكَ وَبَعْدَ مَا انْطَوى عَلَيْهِ قَلْبي مِنْ مَعْرِفَتِكَ وَلَهِجَ بِهِ لِساني مِنْ ذِكْرِكَ، وَاعْتَقَدَهُ ضَميري مِنْ حُبِّكَ، وَبَعْدَ صِدْقِ اعْتِرافي وَدُعائي خاضِعاً لِرُبُوبِيَّتِكَ، ))
اجتمع الملائكة حولي وأخذتهم الحيرة من أمري فهم لايعلمون ماذا يجب عليهم فعله , أراد أحدهم الدنو مني , لعله يتمكن من إقناعي بالذهاب , لكني لم أبالي بهم , وكنت غارقاً في عالمٍ آخر , في عالم عشق الله وشوق لقاؤه ....
أحسست بقدرة وجرأة أكبر على مناجاة ربي فدعوته قائلاً :
(( إلهي وسيدي وعزتك وجلالك لئن طالبتني بذنوبي لأطالبنك بعفوك و ولئن طالبتني بلؤمي لأطالبنك بكرمك , ولئن أدخلتني النار لأخبرن أهلها بحبي لك ))
كان بعضهم يقول لا يمكن لنا إجباره على مغادرة المكان , إنه انسان مؤمن وفي حال مناجاةٍ لله تعالى , ولو لم يكن مؤمناً لما أجاز الله له ذلك , إذن علينا الانتظار حتى يأتي أمرٌ من الجليل الأعلى .
ازددت شوقاً إلى لقاء ربي ومرضاته , واحسست بانقلاب عظيم في نفسي , حتى بدأت أشعر أن حاجتي إلى الله تغيرت وتجاوزت حدود الخلاص من عذاب سنة أخرى وأصبحت أطلب النجاة من عذاب فراق ربي فدعوته مردداً :
(( وَهَبْني (يا اِلـهي) صَبَرْتُ عَلى حَرِّ نارِكَ فَكَيْفَ اَصْبِرُ عَنِ النَّظَرِ اِلى كَرامَتِكَ اَمْ كَيْفَ اَسْكُنُ فِي النّارِ وَرَجائي عَفْوُكَ فَبِعِزَّتِكَ يا سَيِّدى وَمَوْلايَ اُقْسِمُ صادِقاً لَئِنْ تَرَكْتَني ناطِقاً لاَِضِجَّنَّ اِلَيْكَ بَيْنَ اَهْلِها ضَجيجَ الاْمِلينَ (الاْلِمينَ) وَلاََصْرُخَنَّ اِلَيْكَ صُراخَ الْمَسْتَصْرِخينَ، وَلاََبْكِيَنَّ عَلَيْكَ بُكاءَ الْفاقِدينَ، وَلاَُنادِيَنَّكَ اَيْنَ كُنْتَ يا وَلِيَّ الْمُؤْمِنينَ،))
ازدادت حيرة الملائكة حولي , وتركوني بحالي أبكي وأناجي , وبينما أنا بهذه الحال وإذا بي أسمع صوت ملك أقبل علينا وهو ينادي :
- اتركوه قد انتهى عذابه وعفي عنه , قد جعل الله نفسه شفيعاً إليه , اقترب منا أكثر حتى وصل إلينا وأنا أنظر إليه مبهوراً, غير مصدّق لما أرى لقد كان وجه ذلك الملك يشع بالنور الساطع والجمال الباهر ويبشّر بالخير لمن يراه ,ضمني بجناحيه وقال :
- إن الجليل الأعلى يبلغك السلام ويقول : عبدي إنني ما تخليت عنك , ولا طردتك من رحمتي , لكنك كنت متقرباً مني مرة وتبتعد عني أخرى , وأنا دائماً أناديك وأدعوك بالتقرب والزلفى لدي , أما عذابك في جهنم فهو لروحك تزكية ونقاء كي تعيش حياة الأبد طاهراً لا يحجبك عني شيئ .
بكيت بكاءاً شديداً عندما سمعت كلام الملك وخطاب الجليل وصعقتُ صعقة غشي علي على أثرها , فلم أعد أرى ولا أسمع ولا أشعر بشئ و وغرقتُ في إغماء عميق عميق ....
*لنا لقاء مع (( *الجزء _30))*══════════
* نداء صفوى *https://t.me/nedaasafwa
452 views17:59