#قصيدة_خمس_رسائل_إلي_امي @nizar_alqabbani ۱ صباح الخير يا | نزار قبّاني🌿💛
#قصيدة_خمس_رسائل_إلي_امي
@nizar_alqabbani
۱ صباح الخير يا حلوه صباح الخير يا قديستي الحلوه مضى عامان يا أمي على الولد الذي أبحرْ برحلتهِ الخرافيهْ و خبأ في حقائبهِ صباحَ بلاده الأخضرْ و أنجمها و أنهرها و كلَ شقيقها الأحمرْ و خبأ في ملابسهِ طرابيناً من النعناع و الزعترْ و ليلكةً دمشقيهْ ۲ أنا وحدي ، دخانُ سجائري يُضجِرْ و مني مقعدي يضجرْ و أحزاني عصافيرٌ تُفَتِشُ ، بعد عن بيدرْ عرفتُ نساءَ أوروبا عرفت عواطف الإسمنت و الخشبْ عرفتُ حضارةَ التعبْ و طفت الهندْ ، طفت السندْ طفتُ العالم الأصفرْ و لم أعثرْ على امرأةٍ تُمَشِطْ شعريَ الأشقرْ و تحمل في حقيبتها إليَّ عرائسَ السُكرْ و تكسوني إذا أعرى و تنشلني إذا أعثرْ أيا أمي ، أيا أمي أنا الولدُ الذي أبحَرْ و لا زالَتْ بخاطرهِ تعيشُ عروسةَ السُكرْ فكيف ، فكيفَ يا أمي غدوتُ أباً و لم أكبُرْ؟ ۳ صباح الخير مِنْ مَدريدْ ما أخبارها الفلة؟ بها أوصيكِ يا أماه تلكَ الطفلة الطفلهْ فقد كانت أحبَ حبيبةٍ لأبي يدللها كطفلتهِ و يدعوها إلى فنجان قهوتهْ و يسقيها و يطعمها و يغمرها برحمتهِ و مات أبي و لا زالتْ تعيش بحلم عودتهِ و تبحث عنهُ في أرجاء غرفتهِ و تسألُ عنْ عباءتهْ و تسألُ عنْ جريدتهْ و تسألُ ، حين يأتي الصيفْ عن فيروز عينيهِ لتنثر فوق كفيهِ دنانيراً من الذهبْ ۴ سلاماتٌ ، سلاماتٌ إلى بيتٍ سقانا الحبَ و الرحمةْ إلى أزهارك البيضاء ، فرحة “ساحة النجمة” إلى تختي ، إلى كتبي إلى أطفال حارتنا و حيطانٍ ملأناها بفوضى من كتابتنا إلى قططٍ كسولاتٍ تنام على مشارقنا و ليلكةٍ معرشةٍ على شباك جارتنا مضى عامان ، يا أمي و وجه دمشق عصفورٌ يخربش في جوانحنا يعض على ستائرنا و ينقرنا برفقٍ من أصابعنا مضى عامان يا أمي و ليل دمشق ، فل دمشق ، دور دمشق تسكن في خواطرنا مآذنها ، تضيء على مراكبنا كأن مآذن الأموي قد زرعت بداخلنا كأن مشاتل التفاح تعبق في ضمائرنا كأن الضوء و الأحجار جاءت كلها معنا ۵ أتى أيلول يا أماه و جاء الحزن يحمل لي هداياه و يترك عند نافذتي مدامعه و شكواه أتى أيلول ، أين دمشق؟ أين أبي و عيناهْ و أين حرير نظرتهِ؟ و أين عبير قهوتهِ؟ سقى الرحمن مثواهْ و أين رحاب منزلنا الكبير و أين نعماهْ؟ و أين مدارج الشمشير تضحك في زواياهْ و أين طفولتي فيه؟ أجرجر ذيل قطته و آكل من عريشته و أقطف من بنفشاهْ دمشق ، دمشق ، يا شعراً على حدقات أعيننا كتبناهْ و يا طفلاً جميلاً من ضفائره صلبناهْ جثونا عند ركبته و ذبنا في محبته إلى أن في محبتنا قتلناهْ