Get Mystery Box with random crypto!

بكائيات مثقف من الممارسات السيئة التي تدور في البيئات الثقاف | قناة عبيد الظاهري

بكائيات مثقف


من الممارسات السيئة التي تدور في البيئات الثقافية -وهي كثيرة- سلوك المثقف طريق البكائيات لترويج أفكاره وبحثه عن موضع يجد فيه نفسه في الساحة العلمية، فتراه ينطلق من مواقفه الشخصية إلى تقريراته العلمية، ويظل يدور في فلكها، إما من جهة أنه حُرم من كثير من المناصب العلمية بسبب التحزبات واللوبيات، أو من جهة أن حُسد كثيرا من بعض المختصين في مجاله لأنه برأيه كان أفضل منهم، أو من جهة ذكر أنواع الرسائل الهجومية التي تصله من أتباع مخالفيه، انتقادا على إسهاماتها التجديدية كما يحسب في الوسط العلمي، وتجده دائما في سياقه العام مستشعرا قول الشاعر :"أضاعوني وأي فتى أضاعوا".

بل إن هذه المظلومية الفكرية تصبح هاجسا ضخما عند هؤلاء، حتى يصل بهم الحال أن لا يكون إسهامهم العلمي إلا دائرا في مدار تلك المظلومية من قريب أو بعيد، ويذكرون في كل مناسبة لأدنى ملائمة تلك الحكاية بوجوه متعددة، وصنيع هؤلاء يشبه إلى حد كبير قصة ذلك الرجل الأعمى الذي أبصر لحظة فرأى ديكاً، ثم عاد إليه العمى، فصار بعد ذلك إذا وُصف له شيء، سألهم: كيف هو من الديك؟!

وهذا الأسلوب وإن كان رخيصا في المجال العلمي، إلا أنه محل تأثير لدى شريحة من الناس، وخصوصا ممن يميلوا إلى الشذوذ بالرأي أو واجهوا مثل ما واجهه الأول من الناس، ومن أشهر المفكرين الحداثيين الذين أحسنوا استثمار هذه البكائيات المصري نصر أبو زيد، فبعد أن حكمت عليه المحكمة بالكفر والتفريق بينه وبين زوجته، بات يعيش دور المفكر المناضل الذي ضحى لأجل أفكاره وسبق الآخرين في إسهامه، وقد علق إبراهيم السكران تعليقا طريفا على شخصية نصر في كتابه التأويل الحداثي، حيث أشار إلى هذا المعنى فقال :"والحقيقة أن نصر أبو زيد من أقل هؤلاء الحداثيين إمكانيات فكرية، فليس له خبرة عميقة بالتراث الإسلامي ولا بالفلسفة الغربية، وإنما هو أكاديمي متواضع، أُقحم بين المفكرين العرب أصحاب مشروعات إعادة قراءة التراث لأسباب لا صلة لها بنوعية الإنتاج العلمي، وإنما بسبب الدوي الإعلامي المصاحب لحكم المحكمة عليه بالكفر والتفريق بينه وبين زوجته، فالمستند الحقيقي لحضوره هو لعبة دورة الضحية للاضطهاد الفكري".