2022-01-27 13:47:13
*مجموعات زهر الفردوس للعلم الشرعي*
*تدبر الآية 286 من سورة البقرة من دورة الأترجة*
قال الله عزوجل :
*{ لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَت وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَت رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَاْ أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وارحمنا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِين }*
*( لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا )*
الوُسع هو الطاقة .
أي لا يكلّف أحداً فوق طاقته وهذا من لُطف الله تعالى بخلقه ، ورأفته بهم وإحسانه إليهم .
*( لَهَا مَا كَسَبَت ْ)* من خير
*( وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ )* من شر .
وذلك في الأعمال التي تدخل تحت التَّكليف , أما التي لا تدخل تحت التكليف فالله لا يكلّفنا .
ولذلك من قواعد أهل العلم التكليف بما يُطاق .
ولذلك قال الله عزّوجل في الكفر ( إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ) من عُرِض على السَّيف فله أن يتكلم بالكفر لينجوَ منه لأنَّ هذا تكليفٌ بما لا يطاق ، لكن بشرط أن يكون القلب مطمئنّ فإنّ الذي أٌجيز للإنسان هو الظاهر أمّا الباطن فيبقى لله .
ثم أرشد الله عباده :
*( رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا )*
أي إن تركنا فرضاً على جهة النسيان أو فعلنا حراماً كذلك
*( أَوْ أَخْطَأْنَا )*
أي أخطأنا في الصَّواب في العمل جهلاً مِنّا بوجهه الشرعي .
قال السعدي :
( الفرق بين النسيان والخطأ أنّ النسيان ذهول القلب عمّا أُمر به فيتركه نسياناً , والخطأ أن يقصد شيئاً يجوز له قصده ثم يقع فعله على ما لا يجوز له فعله ) .
ثم قال الله عزوجل :
*( رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا )*
الإصر هو الشيءالثقيل الشاقّ ..
أيّ لا تكلّفنا من الأعمال الشاقّة وإن أطقناها .
وهذه مرحلة دون المرحلة الأولى وهي التكليف بما لا يُطاق ..
ربنا ولا تَحمِلنا حتى على الشّيء الشاقّ , كما شرعته للأمم الماضية قبلنا من الأغلال ، والآصار التي كانت عليهم ..
ولذلك من رحمة الله بهذه الأمة أنَّ الله وضع عنهم الأصرار .
فكان إذا تاب المُذنب في بني إسرائيل يلزمه القتل ..
وإذا جاء على بدنه أو ثوبه نجاسة ففيها القَطع (القَرص) .
لكنّ الله وضع برحمته عن هذه الأمة الآصار كما قال الله في الحديث القدسي : 【 قد فعلت . لمّا قال المؤمنون : ( رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ) قال الله : قد فعلت .】
وهذا من رحمة الله تعالى بنا
*( رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِه ِ)*
من التَّكليف والمصائب والبلاء لا تبتلينا بما لا قِبلَ لنا به .
*( وَاعْفُ عَنَّا )*
أي فيما بيننا وبينك ممّا تعلمه من تقصيرنا وزللنا
*( وَاغْفِرْ لَنَا )*
أي فيما بيننا وبين عبادك فلا تُظهرهم على مساوئنا وأعمالنا القبيحة .
*( وارحمنا )*
أي فيما يُستقبَل , فلا توقعنا في ذنب آخر ..
فدعوا أنّ الله يغفر لهم ما سلف ، وأن يرحمهم فلا يقعوا في الذنب فيما يُستقبل .
ولذلك يُقال إنّ المذنب يحتاج إلى ثلاثة أشياء :
· أن يعفو الله عنه فيما بينه وبينه .
· وأن يستره عن عباده فلا يفضحه بينهم .
· وأن يَعصِمَه فلا يُوقعه في ذنب آخر .
هذا المُذنب يحتاج إلى هذه الثلاثة الأشياء أنّ الله يعفو عنه ، وأن يَستره وأن يعصمه من الوُقوع في الذنب مرةً أخرى ..
وقد جاء في الحديث القدسي أنّ الله قال : قد فعلت
*( أَنتَ مَوْلاَنَا )*
أنت وليّنا وناصرنا وعليك توكلنا وأنت المستعان ولا حول ولا قوة لنا إلا بك .
*( فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ )*
أيّ الذين جحدوا دينك وأنكروا وحدانيتك ورسالة نبيك وعبدوا غيرك .
قال السِّعدي رحمه الله تعالى : ( العفو والمغفرة يحصل بهما دفع المَكاره والشُّرور ، قال الله ( واعف عنا واغفر لنا ) ثم قال الله : ( وارحمنا ) والرحمة يحصُل بها صَلاح الأمور , فإذا دعا الإنسان بهذا الشَّيء فإنه قد دعا بجوامع الكلم ) .
ولذلك حثّ النبي على قراءتها كل ليلة .
فاستشعروا حينما تقرؤون هذه الآية هذه المعاني العظيمة التي اشتملت عليها هاتان الآيتان .
وبهذا نكون بحمد الله قد انتهينا من تفسير سورة البقرة ، ونبدأ بعدها بتفسير سورة آل عمران , وهُما دائماً مقرونان كما قال النبي صلى الله عليه و سلمّ :
" الزهراوان البقرة وآل عِمران تأتيَان يوم القيامة تُحاجّان عن صاحبهما "
====================
رابط قناة تدبر سورة البقرة من دورة الأترجة
3.2K views10:47