Get Mystery Box with random crypto!

دروس في التفسير باب سُورَة البَقَـــرَة مَدنيّة وعَدَدُ | ✊خدمة عشاق أبي الفضل العباس✊

دروس في التفسير

باب سُورَة البَقَـــرَة

مَدنيّة وعَدَدُ آياتِهَا مَائتان وست وثمانُون آية

الدرس رقم 18

الآيتان 6 - 7

﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ* خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَـرِهِمْ غِشَـوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾

بحوث

1 - سلب قدرة التشخيص ومسألة الجبر:

أول سؤال يطرح في هذا المجال يدور حول مسألة الجبر، التي قد تتبادر إلى الأذهان من قوله تعالى: ﴿خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أبْصَارِهِمْ غِشاوَةٌ...﴾فهذا الختم يفيد بقاء هؤلاء في الكفر إجباراً، دون أن يكون لهم اختيار في الخروج من حالتهم هذه.

أليس هذا بجبر؟ وإذا كان جبراً فلماذا العقاب؟

القرآن الكريم يجيب على هذه التساؤلات ويقول: إن هذا الختم وهذا الحجاب هما نتيجة إصرار هؤلاء ولجاجهم وتعنتهم أمام الحق، واستمرارهم في الظلم والطغيان والكفر.

يقول تعالى: ﴿بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ﴾ ويقول:﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّر جَبَار﴾ويقول أيضاً: ﴿اَفَرَاَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إلَهَهُ هَوَاهُ وَاَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْم وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً﴾.

كل هذه الآيات تقرر أنّ السبب في سلب قدرة التشخيص، وتوقف أجهزة الإدراك عن العمل يعود إلى الكفر والتكبر والتجبر واتباع الهوى واللجاج والعناد أمام الحق، هذه الحالة التي تصيب الإنسان، هي في الحقيقة ردّ فعل لأعمال الإنسان نفسه.

من المظاهر الطبيعية في الموجود البشري، أن الإنسان لو تعوّد على انحراف واستأنس به، يتخذ في المرحلة الاُولى ماهية الـ«حالة» ثمّ يتحول إلى «عادة» وبعدها يصبح «ملكة» وجزءً من تكوين الإنسان حتى يبلغ أحياناً درجة لا يستطيع الإنسان أن يتخلّى عنها أبداً.

لكن الإنسان إختار طريق الإنحراف هذا عن علم ووعي، ومن هنا كان هو المسؤول عن عواقب أعماله، دون أن يكون في المسألة جبر.

تماماً مثل شخص فقأ عينيه وسدَّ أُذنيه عمداً، كي لا يسمع ولا يرى.

ولو رأينا أن الآيات تنسب الختم وإسدال الغشاوة إلى الله، فذلك لأن الله هو الذي منح الإنحراف مثل هذه الخاصية.

 (تأمّل بدقّة).

 عكس هذه الظاهرة مشهود أيضاً في قوانين الطبيعة، أي إن الفرد السائر على طريق الطهر والتقوى والاستقامة تمتد يد الله عزوجل إليه لتقوّي حاسّة تشخيصه وإدراكه ورؤيته، هذه الحقيقة توضحها الآية الكريمة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنُوا اِنْ تَتَّقُوا الله يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً﴾.

يفي حياتنا اليومية صور عديدة لأفراد ارتكبوا عم محرّماً، فتألموا في البداية لما فعلوه واعترفوا بذنبهم، لكنهم استأنسوا تدريجياً بفعلهم، وزالت من نفوسهم حساسيتهم السابقة تجاه الذنب، ووصل أمرهم إلى حدٍّ يجدون اللذة والإنشراح في الإنحراف، وقد يضفون عليه صفة الواجب الإنساني أو الواجب الديني!!

وفي تأريخنا الإسلامي ظهر مجرمون سفّاكون مولعون بإزهاق الأرواح والتنكيل بالمسلمين كما ذكر في حالات «الحجاج بن يوسف الثقفي» أنه كان ييضع لأعماله الإجرامية تبريرات دينية، ويقول مث: إن الله سلّطنا على هؤلاء النّاس المذنبين لنظلمهم، فهم مستحقون لذلك!!

وكذلك قيل: إنّ جنود المغول خطب في أحد مدن ايران الحدودية وقال: ألستم تعتقدون أن عذاب الله يصيب المذنبين؟ فنحن عذاب الله عليكم، فلا ينبغي لكم المقاومة.

تفسير الامثل باب سورة البقرة

نسألكم الدعاء
خادم العباس العاملي
مجنون ابا الفضل
@ali_farhat1984
تفسير القرآن الكريم
@oushak_abalfadl