Get Mystery Box with random crypto!

في فُسحة العملِ .. تستيقظ من منامك على إثر حلم بأن قد وافتك ا | Quraa | منصة قُرّاء

في فُسحة العملِ ..

تستيقظ من منامك على إثر حلم بأن قد وافتك المنية ولما تستعد بعد، تمسح النوم عن وجهك .. الحمد لله الذي عافاني في جسدي ورد علي روحي وأذن لي بذكره، الحمد لله أن ردني مرَدَّاً يتمناه غيري فلا يجده، الحمد لله أن لم أزل في فسحة العمل ..

يعرض لأحد والديك شيء من مرض أو نحوه - متع الله بالأحياء من آبائنا وأمهاتنا ورحم منهم من وافى - فتسند رأسك إلى أعلى الكرسي محدقاً في السقف، ليطوف بك طائف من خيال، ماذا لو أني فقدتهما أو أحدهما فحيل بيني وبين برهما ؟! يسقط الكتاب مع رخاء الخيال من يدك، أو ينفتح باب الغرفة، أو تسمع أصواتاً من هنا أو هناك تغير على الهدأة، أو يحدث أي منبه آخر، فتستيقظ من وهمك، الحمد لله؛ أن أنعم بما حال بينه وبين كثير من الناس، حمداً لك اللهم أن يسرت برهما، وإن كانا أو أحدهما قد رحلا فلم تزل وجوه من البر قد غَبَرت، الحمد لله أن لم أزل في فسحة العمل ..

تلتفت إلى ماضيات أيام التفريط في جنب الله والتقصير في طاعته والتقرب إليه، تحرك القلم تارة على الصفحة البيضاء التي بين يديك سارحاً برسومات وخطوط لا معنى لها حتى تمتلئ بالحبر، وتقرع به سنك تارة أخرى .. تنساح دمعة على خدك على ما فرطت في جنب الله، تسبل العبرات متوجداً، ثم تنتبه معترفاً بانبعاثة الندم والإنابة، تحمد الله أن لم تزل في فسحة العمل ..

ذات خلوة .. تقبض على نفسك متلبسة بالتفريط، ترى أصابعك بتصرف لا إرادي تخرج من تطبيق في الجوال إلى آخر، تلقي الجوال بعيداً، ماذا فعلتُ في نفسي ؟! أي شيء هذا الذي أهيم فيه من سنين ؟! كم من يوم مضى كان بإمكاني ملؤه بالعلم مقروءاً ومسموعاً ومرئياً فلم أفعل .. ها أنا ذا بلغت من العمر كيت وكيت، يا لسنوات ضياع البوصلة . ثم تقف ملياً: كم من متمنٍّ أن يعود إلى السن التي أنا فيها الآن وكم من واضع كفه على ذقنه يتحسر على مثل أيامي، وتحمد لله أن لم تزل في فسحة العمل ..

ترى أخبار الراحلين صباحاً ومساءً، وإذا شهدتَ الجنائز لم تجد فرقاً بين صغير وكبير، بعضها كان في ميعة الشباب وغضارته، يتوقد حياةً ويفيض نضارة، كان يعقد الآمال على طويل الآماد، ويرسم الخطط للأيام البِعاد، فإذا تذكرت أنك لم تزل في "زمن الإمكان"، وأنك قد أعطيتَ الفرصة لهجتَ على وَجَل : الحمد لله أن لم أزل في فسحة العمل ..

وهكذا.. كم من سعيد خشي أن يقول في يوم : ﴿ رب ارجعون ﴾ فيحال بينه وبين ما يشتهي حفزه ذلك أن يركب للصالحات ظهر جواد؛ إذ استقر بدوام الذكرى في نفسه : ما أضيق العيش لولا فسحة "العملِ" ..

﴿ وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ﴾

عزَّام الغطيمل


#منصة_قراء

- تابعونا على التلغرام على الرابط :
https://t.me/QuraaPlatform

- وعلى الفيسبوك على الرابط :

http://www.facebook.com/quraaplatform