Get Mystery Box with random crypto!

قال إسحاق الموصلي : حضرت مسامرة الرشيد ليلة عنبر المغني ، وكان | في ظِلال الشِّعر

قال إسحاق الموصلي : حضرت مسامرة الرشيد ليلة عنبر المغني ، وكان فصيحًا متأدبًا ، وكان مع ذاك يملي الشعر بصوت حسن ؛ فتذاكروا رقّة شعر المدنيين ؛ فأنشد بعض جلسائه ابياتًا لأحد الشعراء .. حيثُ يقول :

واذكر ايام الحمى ثم انثني ..
على كبد من خشية ان تصدعا
وليس عشيات الحمى برواجعٍ
عليك ولكن خلِّ عينيك تدمعا
بكت عيني اليمنى فلما زجرتها
على الجهل بعد الحلم أسلبتا معا

فأعجِب الرشيد برقّة الأبيات فقال له عنبر : يا أمير المؤمنين ، إنَّ هذا الشعر مني رقيق قد غُذي بماء العقيق ، حتى رقَّ وصفا ، فصار اصفى من الهواء ، ولكن إن شاء أمير المؤمنين أنشدته ماهو أرق من هذا وأحلى وأصلب وأقوى لرجل من أهل البادية ؟
قال: فإني أشاء ، قال : وأترنم به يا أمير المؤمنين ؟ قال ؛ ذلك لك ، فأنشد لجرير :

إن الذين غدوا بلبك غادروت
وشلاً بعينك لا يزال معينا
غيضن من عبراتهن وقلن لي
ماذا لقيت من الهوى ولقينا
راحوا العشية أوجة منكورة
إن حرن حرنا أو هدين هدينا
فرموا بهن سواهما عرض الفلا
إن متن متنا وإن حيين حيينا

قال : صدقت ياعنبر ، وخلع عليه، واجازه .