2021-12-15 14:34:13
خاطرة ..
( ولا تنسوا الفضل بينكم )
كنت اليوم في محكمة الأحوال الشخصية أترافع في قضية حضانة .. وبعد أن حضرت الأم، حضر طليقها مصطحبا ابنه وابنها ..
وكان بجواري أخو موكلتي وموكلتي ( الأم )
وكنت أرقب حركات الأب كانت صبيانية بما تحمل هذه الكلمة من معان !!
فقلت للابن تعال سلم على أمك !
فقال الأب الذي لا يستحق أن يكون أبا السلام في الزيارة !
قلت تمنع الابن من سلامه على أمه فدخل مكتب الدائرة فقلت لخاله اخو الأم ادخل واحرجه واقلب عليه الطاولة عند موظفي الدائرة فدخل وقال عيب عليك تمنع الابن من سلامه على أمه فتعاطف الموظفين فوبخوه فاستجاب رغما عن أنفه !
ما أقبح أن يجعل الابناء محل النقمة والانتقام .. جنبوا أولادكم مشاكلكم لا تقحمونهم في مثل خلافاتكم في هذا السن المبكر فيعود عليهم بالسلب والحالة النفسية التي يصاب بها بسبب ما يشاهد !
ما شهدته اليوم أثر فيني جدا ما كنت أظن أن يصل الأمر لهذا الحد من الوقاحة !
حينها انبعثت جوارحي بهذه الخاطرة!
( ولا تنسوا الفضل بينكم )
من القواعد السلوكية العظيمة والآداب الرفيعة التي نص عليها المولى عز وجل هو عدم نسيان الفضل الذي يكون بين الزوجين خصوصاً وفي غيرهم لكنها في الزوجين آكد.
فالعلاقة الزوجية لا تخلو من مواقف رائدة وتضحيات سابقة وجوانب مشرقة ينبغي أن لا تنسى وإن حصل الفراق امتثالاً لقوله ( ولا تنسوا الفضل بينكم )
لأن الفضل أعلى درجات المعاملة فعلى المرء أن لا يهمل نفسه من الإحسان والمعروف خصوصاً من كان بينك وبينه مخالطة أو معاشرة أو مصاحبة فإن حسن العهد من الإيمان دخلت امرأة كبيرة على رسول الله ﷺ فاستقبلها بحفاوة وترحيب فلما خرجت سألته عائشة عنها فقال ( إنها كانت تأتينا زمان خديجة وإن حسن العهد من الإيمان ) أخرجه الحاكم .
تأمل كيف النبي ﷺ حفظ المودة القديمة فقابلها بحفاوة وترحيب مما جعل عائشة تسأل عنها حينما رأت الإكرام من النبي ﷺ لها .
وقد قال الشافعي ( الحر من حفظ وداد لحظة )
ومن أقبح ما يكون الرجل إذا تنصل عن مروءته وشهامته ورجولته فأخذ يطارد طليقته بكل وسيلة وحيلة طلباً للإنتقام !
فمرة بدعاوى كيدية ، ومرة بمطالبة مالية ليسترجع ما آتاها من مال ، ومرة بحرمانها من أولادها ، ومرة بتشويه صورة الأم والأخوال عند الأبناء ليزرع في نفوسهم كراهتهم ، ومرة بإفشاء الأسرار الخاصة التي كانت بينهم !
فأي خساسة ودناءة يحمل أمثال هؤلاء الذكور فوالله ليسوا برجال فالرجولة مبادئ وقيم ، وليست أسماء مجردة لا معاني لها ؛ فمن تنصل عن معاني الرجولة فلا يستحق أن يدعى ( رجل ) وإنما هو ( ذكر !)
أي عقل ورجولة يتمتع بها من يمنع الأبناء عن أمهم ويسعى جاهداً بالتفرقة بينهم بزرع الكراهية والفرقة وربما آذى أولاده بسبب عدم استجابتهم لمطالبه في أمهم أو بغضهم لها !
وقد قال النبي ﷺ : ( من فرق بين الوالدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة )
قال ابن القيم : وقد جعل -الشارع- الأم أحق بالولد من الأب وإمكان اللقاء كل وقت لو قضي به للأب - أي لو حكم للأب بالحضانة - وقضى أن لا توله والدة على ولدها وأخبر أن من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة .
فهؤلاء قد خالفوا المنقول والمعقول فلا دين ولا مروءة ورجولة .
أين هؤلاء من موقف الصديق رضي الله عنه حينما خاض مسطح في حادثة الأفك مع من خاض في عائشة رضي الله عنها وكان أبو بكر من ينفق عليه فقال : والله، لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال. فأنزل الله : { ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولى القربى والمساكين } إلى قوله { ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم }
قال أبو بكر الصديق : بلى والله، إني لأحب أن يغفر الله لي. فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال : والله، لا أنزعها منه أبدا
خاض في عرض ابنته ونفقته ليست بواجبة على أبي بكر ومع ذلك رجع إلى مسطح نفقته !
فكيف بزوجة كان بينك وبينها من المودة والوفاء والعشرة ثم تصنع بها كل هذا !
وتعظُم المصيبة حينما تكون سلوكيات وتصرفات الزوج هي السبب في الإنفصال ثم يفعل بها كل هذا !
حينها تعلم أنها قد غابت معالم الرجولة عند الكثير لأن الرجولة وصف يمس الروح والنفس والخلق أكثر مما يمس البدن والظاهر .
والرجولة وصف اتفق العقلاء على مدحه والثناء عليه، ويكفيك إن كنت مادحا أن تصف إنسانا بالرجولة، أو أن تنفيها عنه لتبلغ الغاية في الذمّ .
https://t.me/shza_mh
639 views11:34
أ
