كان اختيار " سعد " ـ رضي الله عنه ـ لهذه المعركة قائدًا هو قرار الفاروق " عمر " ـ رضي الله عنه ، هو " وأبو عبيدة " ـ رضي الله عنه ـ ، وقيل يومها " الأسد في براثنه " ، غير أن " سعدًا " ـ رضي الله عنه ـ كان قد أصيب بجروح ملأت قروحها ، فخذيه ، وإليتيه ، فكان ـ رضي الله عنه ـ يدير المعركة من مكان مرتفع ، فلما رأته زوجته " سلمى " ، وكانت قبله عند " المثنى بن حارثة " ، فلما توفي ، وقضت عدتها تزوجها " سعد " ـ رضي الله عنه ـ ، فلما جالت الخيل ورأت " سلمى " ما رأت ، قالت : " وامثناه ولا مثنى لي اليوم " ، فغضب " سعد " ـ رضي الله عنه ـ من ذلك ولطم وجهها . فقالت: أغيرة وجبناً؟ يعني: أنها تعيره بجلوسه في القصر يوم الحرب - وهذا عناد منها - فإنها أعلم الناس بعذره، وما هو فيه من المرض المانع من ذلك .
واعتذر سعد للناس لما لاموه على عدم حضور المعركة ، فقد قال أحدهم :
نقاتل حتـى أنزل الله نصـره و سعد بباب القادسية معصم
فأبنا وقـد آمـت نساء كثيرة ونسـوةُ سعد ليس فيهنَّ أيـم
فلما أراهم " سعد " ـ رضي الله عنه ـ ما به من القرح عذره الناس .
وأيم الله إن " سعدًا " ـ رضي الله عنه ـ لم يكن ليجبن أو ليترك المعركة ، وهو أول رامٍ في الإسلام ، وأول من أسال دمـًا في الإسلام .
ولكن ألا ترى إلى غيرة المرأة على دين الله ، وكيف تستحث زوجها ليخوض غمار المعركة ، ولم تكن سلمى وحدها ، بل كان نساء عصرها كلهنَّ كذلك .