Get Mystery Box with random crypto!

'العالم كبير!' تقول له وهي تحاول أن تفسر ما يملأ قلبها، كان | سمرآء ♡

"العالم كبير!"

تقول له وهي تحاول أن تفسر ما يملأ قلبها، كان داخلها مكتظ بالتضاد، عيناها مذعورتين من الأمل.
يقترب نحوها خطوة، تدفعه بقسوة، قسوة من يريد أن يخفي جُرحه.

لقد كان طول حياته رجلًا قويًّا، تعامل مع صدمات وأزمات كبيرة، أنقذ إفلاس شركته أكثر من مرة ، خبأ في قلبه أسرارًا كبيرة، بيديه هاتين وارى جسد والده في التراب، وبيديه ستر حزن أمه، وبيديه بنى ألف مسكن، وبيديه صنع حلمه.

لقد تعلّم كيف يصنع من حزنه القوة، وكيف يحوّل الدمع الي حجر.
رجل بكل المقاييس، علمته الهندسة البناء، علمته الحياة الهدم، لكنها المرة الأولى التي يرى فيها انسان يتساقط!

إن الحياة تُعلِّمُه الآن أن يبكي، وهو الذي أتقن العكس،
يقف أمام حزنها لا يعرف كيف !

"العالم…كبير!
العالم….ك بير!"

جملة واحدة رددتها أكثر من مرة، لا تعرف هي ان كانت خائفة ام تصنع لنفسها ضمادة أمل مستعجلة.
هو يعرف أن تركها أمر مُجبَرٌ عليه، ويعرف كيف حذرته مسبقًا أن لا يقترب إن كان الفراق خيار مطروح. لكن لا يمكن تفسير الظرف، وحدها ستتحمل النتيجة، دون ذنبٍ منها، إنها لا تستحق هذا الألم، والان لا يستطيع أن يحتضنها ليخفف حزنها.

لقد عاصر كل فصولها، رأى عذوبة عينيها الغائرتين في الحزن، شاهد تفتح براعمها كزهرات الربيع حين تفرح، سمع كيف يهرب قلبها حين تقلق، مسح خريف عينيها بيديه حين لا تعرف ماذا تفعل، هو رجل محظوظ سلمته مفاتيح صمتها، يمكنه أن يفسر الكثير من الكلام حين لا تقول شيء، والان يعلم جيدًا ما تقصده حين تردد علي مسامعه بصوت أقرب للذعر من البكاء:
"العالم كبير!"
يرد:
" انك امرأة شابة، هناك فرص أفضل!"

تنظر إليه بعينين باردتين، ترتسم علي وجنتيها ابتسامة هزيلة، يعلم كيف عانت مع (الفرصة الأفضل)؛ للمرة الأولى يخطئ في اختيار كلماته، كما أخطأ في تفويت امراة مثلها.

يحاول أن ينقذ صمودها، يقترب منها ويمسك يديها.
سبق واحتضن يديها، كانتا دافئتين وقتها، مقربتان له أكثر ، طالما أحب كفيها الصغيرين، يشعرانه بالأبوة نحوها، والأمومة نحوه، لقد أعادا إليه شبابًا قديمًا، كان قد نسي عمره كما لو أنه انتهى، لكنها استطاعت دون جهدٍ منها، أن تشعل فتيل حياته من جديد .

أراد أن يخبرها كيف يحبها، وكيف يريدها عمره القادم، لكنها أكثر حوجة في أن تخبره كيف أن الحب في كل أشكاله منحها الألم، وكيف أن الألم لئيم حين يستقبله قلبٌ صادق!

يداها الآن غائبتين في يديه، يقربها نحو صدره ويمسح علي رأسها، إنها الان بين يديه كاملة، لكن كما لو أنها في مكان آخر.

"سامحيني! ستكون لنا فرصة في وقت أفضل"

لكنها لم تكن تملك الكلام ولا الصمت، سيكون أمامها طريق طويل ستنجو بعده،. لكن هو لا يعرف ضياعه بعدها.

يعتذر من جديد، تسكن أنفاسها بالتدريج، ضربات قلبها تبدأ في الهدوء، ويتحول احتراقها الي برودة تخترق قميصه لتلامس قلبه ويزداد شعوره بالذنب.

يُقَبّل جبينها ويحتضنها بقوة أكبر كمن يريد أن يلملم كسره، انها تتهاوى بين يديه ولا يستطيع جمعها.
يثقل ألمها ولا تقوى حمله حتى تسقط منه، لقد سبق و أن قرر تركها، لكنه حتي اللحظة التي أخبرها بذلك كان يشعر بانتمائها إليه.
لكنه الآن خائف، خائف أن تغيب عنه حقاً

لم يكن يتوقع أن تخونه يديه في احتواء ألمها، متأخرًا كان عليه أن يعرف أن اليد التي تهدم لا تبني.

يناديها،

لكنها في منطقة مخدّرة، إن ( العالم الكبير) أثقل من أن تحمل جرحه الغائر أو أمله الفضفاض الثقيل.

غاب وعيها، إن عقلها أكثر رحمة في تعامله مع الألم، انها الان تستريح قليلًا للمرحلة القادمة.

أما هو فيحملها بين يديه مذعورًا، لقد جعلته هذه الفتاة يعيش كل ما توقع أنه جربه، للمرة الأولى-من جديد.

العالم كبير
وهذا الرجل الذي عاش طوال حياته واثقًا، اكتشف خطأه الفادح، حين ناولها القلم عندما أرادت أن تملأ استمارة تسليم الموقع -قبل عامين!

#اسراء_حيدر