دع عنك لومي ولا تكثر من العتب
قد خصني الدهر بالأرزاء والتعبِ
واملأ ليَ الكأس من خضراءَ خارطةٍ
تُحَرِّقُ الهمَّ حَرْقَ النارِ للحطبِ
ولا تُبَكِّ حبيبا وجهه حسَنٌ
نأى، وبَكِّ على الخضراء إن تغبِ
فما رأيت محبا لم يعش كرَبا
سوى محبٍّ لها ما عاش في كرَبِ
واضرب لهم مثلا قيسا وصاحبه
جميلَ بثنة كم عاشا على الندَبِ
واملأ لي الكأس من ماء مسخنةٍ
على فؤاد محبٍّ عاشق لهبِ
واسخر من العشق والعشاق ما دمعوا
على طلول حبيبٍ غير مقتربِ
وذاك أنَّهم من قبل ما اتعظوا
بمن مضوا قبلُ من عجم ومن عربِ
بمن توسّد أحجار التهامة في
قفرٍ ومات كذا قد خط في الكتبِ
لا تأسفنَّ - على قومٍ تحذرهم
فيهزؤون- وتنصح غير ذي طلبِ
فكل شيء رخيصٌ حين تعرضُه
وإن يخبّأ يكن أغلى من الذهبِ
وكلُّ أمرٍ متى يعلم فليس لهُ
في الناس مكترثٌ إلا ذوو الرغبِ
وكلّ ذي نبأ في الناس مطلبٌ
حتى ينبّي فيمسي غير مطّلبِ
ولا تجرب سوى ما كنت تعرفه
تفز بذاك وتُقلبْ خير منقلبِ
وسل كهولك نصحا واعملن به
هم جربوا قبلنا من أعجبِ العجبِ
محمد ديبان
الصورة من تصوير الأخ الفاضل
@Shami_Gh3rib
