Get Mystery Box with random crypto!

بسم الله الرحمن الرحيم خطاب المرحلة / 168 (رجب وشعبان ورمضان | اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ

بسم الله الرحمن الرحيم

خطاب المرحلة / 168

(رجب وشعبان ورمضان تعجّل حصول نور الفرقان) (1)

من السنن الجارية في الأمم مرورها بحالة التيه والضلال عند غياب أنبيائها، قال تعالى {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ} آل عمران144، ولكن كم هم الشاكرون الذين يثبتون على المسار الصحيح، قال تعالى {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} سبأ13، أما الأكثر فهم المنقلبون والمنحرفون عن طريق الحق والهدى، ومثل هؤلاء لا يضرّون إلا أنفسهم فإن الله تعالى غنيٌ عنهم.
وإنما تحصل هذه الحالة لأن غياب النبي والقائد يمثل مفترق طرق يجلس عنده شياطين الجن والإنس وأئمة الضلال وطلاّب الدنيا ويضيّعون العلامات الصحيحة التي تدل على الطريق وسط علامات مزيفة ينصبونها ويحيطونها بهالات قدسية فيتيه أكثر الناس كما فعل السامري ببني إسرائيل وما حصل بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله).
ومادام الشاكرون قليلين فلا نأسى على قلّتهم {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أحببت} القصص56، {وَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} النحل9، ولكننا يجب أن نسعى ونعمل بجدّ لنكون من هؤلاء القلّة وتقع الكارثة علينا حينما نفشل في ذلك والعياذ بالله، فإن هذه سنة جارية في كل الأجيال من الأمة كلما غاب عنها قادتها الكبار الذين تلتف حولهم وتذوب فيهم، والنجاة في مثل هذه المفترقات من الطرق إنما تكون بنور الفرقان الذي يضيء في قلب المؤمن وينير له الدرب ويفرّق له بين الاتجاه الصحيح والمنحرف وفي ضوء هذا كانت الحاجة ملحة لكل من يرجو الفلاح والنجاة أن يعمر قلبه بهذا النور لئلا يتخبّط ويتيه ويضيع وقد بيّن لنا ربنا كيف ينبلج هذا النور في القلب، قال تعالى {يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً} الأنفال29، فالتقوى هي منشأ هذا الفرقان والمنتج له، قال تعالى {وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} البقرة197.
وقد تحتاج إلى مزيد من البيان والتفسير لهذه الآيات الكريمة نستقيها من السنة الشريفة التي وظيفتها شرح آيات القران وتفسيرها.
وحينئذ سنجد فيها حديثاً شريفاً يجعل قوام هداية المؤمن وسيره على بصيرة وحصول نور الفرقان في قلبه بعناصر ثلاثة ([2]) (أولها) لطف من الله تبارك وتعالى واللطف هو كل ما يقرب إلى الطاعة ويحببها ويزيّنها ويبعّد عن المعصية وينفّر منها (ثانيها) ورع وتقوى يحركّه نحو ما يحب الله تبارك وتعالى ويبعده عمّا يسخطه عز وجل (ثالثها) أخ ناصح شفيق يدلّه على عيوبه ويعينه على الطاعة ويشير عليه بالخير، فالعملية تحتاج إلى عناصر تنبع من داخل الإنسان وأخرى تفاض عليه من الخارج، وعلى الإنسان أن يسعى لتحصيلها بلطف الله تبارك وتعالى وتوفيقه.
ومن لطفه تعالى أنه جعل لنا محطات لتسريع عملية نيل هذه الألطاف ومنها هذه الأشهر الشريفة (رجب، شعبان، رمضان) حيث إن هذه الأشهر الثلاثة تساهم أكثر من غيرها في إيجاد وتحقيق هذه العناصر الثلاثة.
فلطف الله تعالى بعباده يزداد، حيث تحسّ وجدانا في هذه الأشهر إقبالا على الطاعة أكثر من غيرها فمثلاً لا يؤدي أكثر المؤمنين السنة الشريفة التي تعدل صوم الدهر وهي صوم ثلاثة أيام في الشهر أول خميس وأخر خميس وأربعاء في الوسط رغم أنها سهلة الأداء في الشتاء لكن كثيرين من المؤمنين يصومون أكثر من ثلاثة أيام من شهر رجب رغم أنه حلّ علينا هذه السنة في تموز حيث الحر الشديد والحاجة البالغة للماء، ومثال آخر هو زيارة المعصومين أو تلاوة القرآن أو إطعام الطعام فأن الهمة تزداد في هذه الأشهر للإتيان بها وهذه كلها شواهد على زيادة اللطف الإلهي بعباده.