Get Mystery Box with random crypto!

ها، وكانت هذه هي رسالة يومي 9/10 يونيو حينما خرج الشعب العربي | شمير برس

ها، وكانت هذه هي رسالة يومي 9/10 يونيو حينما خرج الشعب العربي في مصر والشعب العربي في كل مكان رافضا الهزيمة داعيا قيادة الثورة المخلصة الصادقة إلى الاستمرار في المعركة حتى النصر.
مدهش هذا الشعب، مدهش بحسه السليم، ومدهش بإدراكه الفطري لأولويات المعركة ولقيمها، ومدهش بقدرته على العطاء بدون حدود.
لقد أثبتت معارك إعادة بناء القوات المسلحة، وحرب الاستنزاف التي بدأت بمعركة رأس العش في الأول من يوليو من عام النكسة، أي بعد ثلاثة أسابيع فقط من عدوان يونيو، أنه حين يستيقن الشعب من صدق القيادة وصلابتها وحسن رؤيتها، فإن عطاءه يصبح بلا حدود
ومما يثير الدهشة بدون حدود أن أحدا بعد جمال عبد الناصر لم يستطع أن يقترب من هذه المكانة التي كانت له في الضمير الشعبي الوطني والقومي والعالمي، ولا أتحدث هنا عن نسبية المكانة، وإنما عن المكانة بإطلاقه، عن مكونات هذا المكانة ونسيجها.
ولا أدري كم استطعنا نحن الناصريين أن ندرك وبالتالي نتمثل هذه العلاقة بين يوليو وقائدها من جهة، وبين الضمير الشعبي من جهة أخرى، وما إذا كنا تحركنا منذ غياب جمال عبد الناصر على الطريق نفسه، وما إذا كانت جماهير أمتنا رأت أننا نسير على الطريق نفسه.
ولا أدري ما إذا كان حال الأمة كلها، وحال شعوبها كل في إقليمه وبلده يسمح أن نتحدث عن تلك المرحلة الزاهية من حياتنا، المرحلة التي كنا نعتقد ونحن فيها أننا نكاد نلامس القمر، وأن بيننا وبين الوحدة والتقدم خطوات، وأننا نتقدم بأسرع من كوريا الجنوبية، وقد بدأنا وإياها في المرحلة نفسها، وامتزنا عنها حينها بمفاهيم العدالة والتحرر والإنسانية.
أو يسمح لنا أن نتحدث عن تقدمنا الحثيث على طريق تحرير فلسطين، وبناء القوة العربية القادرة على ذلك، وكنا قد طردنا وحاصرنا الكيان الصهيوني في كل افريقيا حتى استخلصنا لاحقا من دول العالم موقفا يصنف الصهيونية باعتبارها نظاما عنصريا يجب التصدي الدولي له، وقد دخل هذا الكيان الآن إلى الكثير من أقطارنا العربية، وأصبح عند بعضها الصديق الصدوق، معه نتحالف، وبه نأتزر، وإليه نطمئن.
أو يسمح لنا حال الأمة أن نتحدث عن الوحدة الوطنية القادرة على التصدي لكل التحديات، ومقاومة كل الهجمات المعادية، وقد دمرت نظم الاستبداد والطائفية هذه اللحمة الوطنية وفتحت بلداننا أمام خرافاتهم وأحقاد ومزاعم، تخرب في الوطن وتاريخه، وتتعدى على مقدساته ورموزه، وتستنبت كل الشرور الطائفية، وتستتبع هذه الأوطان للعنصرية الفارسية، حتى صارت هذه تمد هيمنتها على العديد من أقطار هذه الأمة، فتنافس العدو الصهيوني في درجة خطرها وعدوانيتها على الأمة كيانا ووجودا.
أو يسمح لنا أن نتحدث عن عزة العربي وكرامته وقوته وقد تحول العربي، المواطن العربي بين أسير كسير في وطنه، وبين وشريد ولاجئ ومهجر في أصقاع العالم كله.
نحن في عصر نقيض لكل ما كان في عصر عبد الناصر وثورة يوليو، لكل معاني تلك الثورة، ولكل مفاهيمها، ولكل غاياتها واستهدافاتها، حتى أن الكثير من جيلنا لم يستطع لهول ما نحن فيه أن يدرك عمق وخطورة ما وقع في الخمسين سنة الماضية، وما زالت أعلام الثورة، وهديرها لم تغادر ناظريه ولم تغب عن سمعه.
نحن السوريين، أبناء الإقليم الشمالي من الجمهورية العربية المتحدة، الذي فرقتهم جرائم النظام القائم، وطائفيته، وميليشياته، وشردتهم داخل وطنهم، وفي العديد من دول العالم، ليسجلوا أكبر حركة لجوء في هذا القرن، نشعر بالحنين والانتماء أكثر إلى ذلك الزمن، ففيه فقط كنا على اختلاف وتنوع عقائدنا وأدياننا وأصولنا العرقية نجد أنفسنا ونجد فضاءنا الوطني الحقيقي، ونجد آفاق مستقبلنا ومستقبل أجيالنا، لذلك ونحن في محنتنا السورية نتمسك أكثر ببناء سوريا الموحدة الواحدة، سوريا وطن الجميع جميع أبنائها، المنتمية بعزة وكرامة إلى أمتها، سوريا التي تحفظ لجميع أبنائها كرامتهم، وحقوقهم، وكينونتهم، سوريا قلب العروبة النابض، التي تجد في هذه العروبة حمايتها وحصنها وقوتها.
22 / 7 / 2022
د. مخلص الصيادي