2017-01-18 22:09:05
تفسير سورة القيــــــــامة الجـــــــــــــــــزء الثاني
الآيات .. ● [ ٥ _ ١٥ ] ●
وقوله {.بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ.}
قال سعيد عن ابن عباس: يعني يمضي قدما .
وقال العوفي عن ابن عياض {.لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ.}
يعني الأمل .. يقول الإنسان أعمل ثم أتوب قبل يوم القيامة،
ويقال هو الكفر بالحق بين يدي القيامة .
وقال مجاهد {.لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ.}
ليمضي أمامه راكبا رأسه .
وقال الحسن: لا يلقى ابن آدم إلا تنزع نفسه إلى معصية الله قدما قدما إلا من عصمه الله تعالى.
وروي عن عكرمة وسعيد بن جبير والضحاك والسدي وغير واحد من السلف:
هو الذي يعجل الذنوب ويسوف التوبة .
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس:- هو الكافر يكذب بيوم الحساب، وكذا قال ابن زيد،
وهذا هو الأظهر من المراد..ولهذا قال بعده {.يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ.}
أي يقول متى يكون يوم القيامة،
وإنما سؤاله سؤال استبعاد لوقوعه وتكذيب لوجوده،
كما قال تعالى {.ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين*قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون.}
وقال تعالى ههنا {.فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ.}
قرأ أبو عمر بن العلاء برق بكسر الراء أي حال،
وهذا الذي قاله شبيه بقوله تعالى {.لا يرتد إليهم طرفهم.}
أي بل ينظرون من الفزع هكذا وهكذا لا يستقر لهم بصر على شيء من شدة الرعب ،
وقرأ آخرون {.بَرَقَ.} بالفتح وهو قريب في المعنى من الأول،
والمقصود أن الأبصار تنبهر يوم القيامة وتخشع وتحار وتذل من شدة الأهوال ومن عظم ما تشاهده يوم القيامة من الأمور .
وقوله تعالى {.وَخَسَفَ الْقَمَرُ.}
أي ذهب ضوؤه .
{.وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ.}
قال مجاهد: كورا،
وقرأ ابن زيد عند تفسير هذه الآية {.إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت.}
وروي عن ابن مسعود أنه قرأ {.وجمع بين الشمس والقمر.}
وقوله تعالى {.يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ.}
أي إذا عاين ابن آدم هذه الأهوال يوم القيامة حينئذ يريد أن يفر ويقول أين المفر أي هل من ملجإ أو من موئل...
قال الله تعالى {.كَلَّا لَا وَزَر*َإِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ.}
قال ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن جبير وغير واحد من السلف:- أي لا نجاة،
وهذه الآية كقوله تعالى {.ما لكم من ملجأ يومئذ وما لكم من نكير.}
أي ليس لكم مكان تتنكرون فيه،
وكذا قال ههنا {.لا وزر.} أي ليس لكم مكان تعتصمون فيه ...
ولهذا قال {.إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ.}
أي المرجع والمصير .
ثم قال تعالى {.يُنَبَّأُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ.}
أي يخبر بجميع أعماله قديمها وحديثها، أولها وآخرها، صغيرها وكبيرها،
كما قال تعالى {.ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا.}
وهكذا قال ههنا {.بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ*وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ.}
أي هو شهيد على نفسه، عالم بما فعله ولو اعتذر وأنكر،
كما قال تعالى {.اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا.}
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {.بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ.} يقول: سمعه وبصره ويداه ورجلاه وجوارحه؛
وقال قتادة: شاهد على نفسه،
وفي رواية قال: إذا شئت والله رأيته بصيرا بعيوب الناس وذنوبهم غافلا عن ذنوبه،
وكان يقال إن في الإنجيل مكتوبا: ” يا ابن آدم تبصر القذاة في عين أخيك وتترك الجذل في عينك لا تبصره “
قال مجاهد {.وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ.}
ولو جادل عنها فهو بصير عليها؛
وقال قتادة {.وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ.}
ولو اعتذر يومئذ بباطل لا يقبل منه؛
وقال السدي {.وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ.} حجته،
وكذا قال ابن زيد والحسن البصري وغيرهم واختاره ابن جرير.
وقال قتادة عن زرارة عن ابن عباس {.وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ.} يقول: لو ألقى ثيابه؛
وقال الضحاك: ولو ألقى ستوره؛
وأهل اليمن يسمون الستر المعذار.
والصحيح:- قول مجاهد وأصحابه، كقوله تعالى {.ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين.}
وكقوله تعالى {.يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون.}
وقال العوفي عن ابن عباس {.وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ.}
هي الأعذار ألم تسمع أنه قال {.لا ينفع الظالمين معذرتهم.}، وقال {.وألقوا إلى الله يومئذ السلم.}، وَقًالُ {.فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء.}، وقولهم {.والله ربنا ما كنا مشركين.}
#تفسير_ابن_كثير
تيليجرام..
https://telegram.me/tafseeribnkatheer
3.4K views19:09