سلامٌ عليك يا رمضان .. وأنتَ تَعُدّ الحقائبَ للرَّحيل !
سلامٌ عليك َ.. فيما تَبقَّى من سُويعاتِ الرحيل !
هل تَعلم .. سأُهديكَ اللَّيلةَ يَقَظَتي .. فلا غفلةَ بَعدَكَ ؛ يُباغِتُني الموتُ فيها .. و لا حصار لهوى النَّفسِ بعدَ اليوم .. و لا تِيهَ .. فقد عَزمتُ !
اعلِم يا رمضان ُ.. أنك أخذتَ مَعَكَ الزَّمنَ الجميل .. لكنَّكَ ترَكتَ لي ذكرياتي ؛ التي حَضَرَت بقوَّةٍ في تفاصيلِ النَّعيم !
نعيمُ القربِ في كلِّ سُجودٍ ؛ فاضَ بهِ عَلَينا زَمَنُكَ يا رمضان .. حتى ظَنَنتُ ذاتَ ليلةٍ ؛ أنّي تَذوّقتُ مَعنى { الكليم } !
كنتَ حافلاً يا رمضانُ بقوةِ الكَشف .. فقد رأيتُ عُيوبَ نَفسي في نهارِكَ جيداً.. وكنتُ أمتليء بالفيضِ .. فقد ارتويتُ من لَيلِكَ كثيراً !
لك منّي معركةُ ( بدر ) .. فلا أنهزِمُ معَ نَفسي ؛ حتى أرى مَدَدَ السَّماءِ في كلِّ أمري ، و أُدرِكُ أنّي قاربتُ مَقامَ الّذين اصطفاهُمُ اللهُ لِصُحبَةِ جِبريل !
لكَ منّي (حِطّين) .. أُشعِلُها معركةَ تغييرٍ في روحي ، وفي مَن حولي .. لعلَّ بوابات الأقصى بها تلوحُ مِن قّريب !
لكَ منّي ( فُتوح الأَندَلُسِ ) .. و سَعياً أُعيد بهِ عِزَّ حضارَتِنا من جديد !
لكَ منّي .. أن أرقى إلى رِسالَتَك فينا .. فقد كنتَ دوماً تُسَلِّمُنا مفاتيحَ العُبور ؛ِ لِضفافِ المجدِ التَّليد !
كنتَ دوماً أكبرَ من طُقوسِ الشَّعائرِ .. و بُكائِيَّاتِ العاجِزين .. و نُواحٍ ؛ يَنتَهي في المحاريب .. و رُكيعاتٍ ؛ كَجَسدٍ لا روحَ فيها !
كنتَ دوماً زمنُ النَّصر .. و سألقاكَ العامَ القادمَ ؛ وأنا أقربُ إلى النَّصر .. فقد فَقِهتُ مُرادَك فينا .. إذ تَكَشَّف لنا عَن معنى "القُوّةِ المَدخورَة" ، والتي نُحوِّلُها كُلَّ عامِ ؛ " إلى طاقةٍ مَهدورة " !
و فَقِهتُ .. أنَّ مِثلي يصنعُ ( عينَ جالوت ) كُلَّ رمضان ؛ لو أراد .. و لكنَّهُ هَبَطَ كما هَبطَت بنو إسرائيل ؛ نحوَ شَهوةِ الحياة !
كانت تلك كلماتُ التِّلميذ ؛ُ الَّتي ابتسَمَ لها الشَّيخُ كثيراً .. فقد امتَلَكَ التِّلميذُ اليَومَ ؛ وثيقةَ الفَّهم .. و وَثيقَةَ الفُرقان !