2022-08-11 23:36:47
الخميس
15|يوليو
جِراحي تُغرقني، أريد أن أنسى أيّامه
الآن وفي مُنتصف يُوليو وقبل أن يدخل أغسطس ليلة أخرى بائسة أقضيها في إنتظار أن تلتئم جراح أبريل فجأة، أو أن أتفاجئ بأن ماحدث من بدايته كذبه ولكنه ولِد في فبراير وفبراير شهرٌ لايكذب! ليلة لن يزيد تراجيديتها شيء غير الفيلم المُنتظر الذي كابدت لكي لا أشاهده بدونك طوال الشهرين الماضيين، وكحة تُزلزل أوصالي مع احتقان شديد في الحلق الذي شَهِد الكثير من وصلات النّوَاح والعويل..
بدأت هذه الشقراء بالاستغاثة..
"قاربُنا يغرق، هل يسمعني أحد؟"
لم يسمعها أحد عداي و أختي التي تصرخ طالبة أن أنقص من الصوت لتتمكن من النوم..
يا عزيزتي لن يسمعك احد و مبدئياً يجب أن تقولي قاربي وليس قارِبُنا-قلت في نفسي- لأنه رحل! ..
أمّا عني -وهذا إن كنتِ تطمعين في مساعدتي لك- لديّ خشبة وحيدة و لا تسعني انا وأمواجي.
كانت ليالٍ في شتاء بارد وجئت فيها أنت كمصدر دفئٍ ، خطواتنا المتناغمة تحت زخّات المطر و صوت القهقهات الخافت، ابتسامتك الرائعة التي تصل لعيناك فتزيد لونهم البني جمالاً لامع..
نظراتك وكل كلماتك كما اخترقت جدار قلبي ولونته بلون الحب، الآن تخترقني الذكريات طوال الوقت محدثه بي شروُخ لا مُتناهية تُفقدني لوني وتحوله الى الرمادي الباهت..
قلت لي رحلتك معي ستكون طويلة ومليئة بالاحداث وانك ستجاهد من اجل عدم افلات يداي، كانت كلماتك اوسع من افعالك بألاف الكيلو مترات كالبحر الذي تركتني فيه وحدي الان، وكنت مدركة أنا لذلك، مدركة لنواقصك فلا يمكن للشمس أن تختبئ خلف الغِربال! كنت مليئ بعيوبٍ كعدد ثقوب الغربال، أحصيتها وتصالحت معها على أمل أن تختلط بعيوبي و تصبح سِمات!
بقيت وحدي أطفو على خشبة يتيمة في انتظار أن تنمو و تعود لاصلها شجرة! واعود انا لاصلي أيضاً اعود لفطرتي النقية الخالية من الحروق والتسلخات الناجمة عن اشعة الشمس الحارقة المختلطة بمياه البحر المالحة..
في ليلة ما إقترحت عليك أن نُشاهد فيلم "Adrift”
و ماطلنا في ذلك، اليوم غداً وبعد غد الى أن أتيت بالصيف مُبكراً جداً الى أراضينا و على حين غُرة أخرجتني أنت بيداك من الدفء الى الحرائِق و ألقيت بي في عُرض البحر! جعلتني حبيسة المياه المالحة ك "تامي" سجنٌ قطبانه الأوجاع و أنت لم تكن كـ "ريتشارد" أبداً..
لم تغرق بل أبحرت مُبتعداً،
تاركاً خلفك حروب عشتها انا لوحدي وكابدت لكي اتخطاها، أتعلم؟ رحيلك لم يكن صعباً كإعترافي بحقيقة ماهيته تشبثت لايام بطيفك الذي عرفته أولاً، دافعت لكي تبقى صورتك الاخيرة في عقلي نقية وانك موجود ولا تزال هُنا وحتى إن لم تتلامس الايدي يكفي الصفاء و طهارة ما كان يختلج فيّ وفيك!
كنت ابتسم وانا اغرق في الملوحة المتدفقة من عيناي المتورمتين حينما تداعبني ذكرى، و أزداد تشبثاً بِأنك ستبقى وحتى لو رحلت ستعود! كان منسوب المياه يرتفع عن خشبتي التي لا تحمل أشرعة والعواصف تصفعني جيئة وذهاباً، عواصف تجرّد الاحداث من ثيابها لتظهر صريحة دون زيف! كابدت الى أن فقدت مقدرتي عن التنفس، و أخذ مني دوار البحر ما اخذ ليالٍ مضت وانا ابحر بحالٍ يرثى لها، بين تصديق ونكران
بين واقع وخيال، حقيقة وكذب الى أن أصبت بهلوسة من النوع الذي يُصيب البحارة عند ابحارهم لاشهر..
ولكنها مضت كما مضيت يا عزيزي،
جئت لفترة قصيرة و "سأدعك ترحل الان" كما جئت ولن أندم عن آي شيء
و "إن لم اكن قد قابلتك فلم تكن هناك ذكريات لنا لتذكرها"
سأتذكر للابد بأنك لست كـ"ريتشارد" و أنا نسخة "تامي في الكفاح والقوة ونجوت!
وها انا ذا على الضفة تتخلل قدماي الرمال أجرى على الشاطئ و أمرح و مضى ماكان يبدو انه لن يمضي.
-مآب
196 viewsمآب, 20:36