2020-03-01 23:34:15
#سؤال_روحاني
ا⚏⚏⚏⚏⚏⚏ا
سلام عليكم
اني اعاني من حالات لا اعرف علاجها من اختناق وضيق.
كما اني لا اشعر بالارتياح النفسي والاطمئنان وهذا الشعور مؤثر عليّ بشكل كبير على نفسيتي رغم اني مداومة على الصلاة وقراءة القران الكريم
فهل بالإمكان ارشادي إلى علاج؟
☶
☶
☶
وعليكم السلام وبركاته
حيّاكم الله تعالى اختي المؤمنة, وأبارك لكِ هذه النفس اللوامة, الهادفة للوصول إلى الكمال في العبادات.
تشخيص المشكلة/
عزيزتي: يبدو لي من ظاهر سؤالكِ أنّكِ كنتِ من أهل التأمل في كتاب الله تعالى, والأدعية والمناجاة, ومفردات الصلاة, وكنتِ ممن غمرهم الاطمئنان القلبي, والتسليم المطلق لارادة ربّ العزة والجلال, الذي أشار إليه الله تعالى في كتابه الكريم بقوله: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب} سورة الرعد: 28.
ثم عرض لكِ عارض جعل من عبادتكِ (عبادة روتينية) مجردة من التأمل, مما سلبكِ ذلك الاطمئنان القلبي, فأصبحت قراءاتكِ للقرآن الكريم والأدعية والمناجاة والأذكار لسانية فقط.
حل المشكلة/
أيتها المؤمنة العزيزة, لكلّ مشكلةٍ حلول, فلله تعالى في كل واقعةٍ حكم, فتفضلي بقراءة هذه الحلول المتواضعة, واعملي بها, وأخبريني بعد مدة عن تغيّر حالكِ, ودرجة اطمئنانكِ, ومدى ارتياحكِ, وأنتِ في رحاب ساحة لطف الله اللطيف الرحمن.
ومن هذه الحلول:
1/ دعاء الله تعالى, والتوكل عليه بأن يصطفيكِ ويجعلكِ من خاصة عباده, فسوف تجدين الإجابة حتمًا, إذ وعد الله تعالى عباده السائلين, بقوله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون} سورة البقرة: 186.
2/ إن استصعب عليكِ أمر الدعاء بمفرداتكِ, فبإمكانكِ الرجوع إلى تراث النبي الأكرم وآله (عليه وعليهم السلام) من خلال اللهج والتأمل بأدعيتهم النورانية, التي ما إن مرت على قلبِ بشر بتأمل إلاّ وأخرجته من غياهب الغفلة إلى نور اليقظة.
كدعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) بتذوق الله تعالى حلاوة مناجاته . "إلهي فاجعلنا ممن اصطفيته لقربك وولايتك، ... ومن صالحي بريتك واخترته لمناجاتك، وقطعت عنه كل شئ يقطعه عنك, اللهم اجعلنا ممن دأبهم الارتياح إليك والحنين، ودهرهم الزفرة والحنين".
3/ إنّ تعرض الإنسان لقضاء الله تعالى وقدره, وسلب نعمةً, هو تعالى أحكم في سلبها قد يؤثر على عباداته, فيصبح أداءها روتينيًا؛ لأنّ الذهن مذهول بما جرى.
وهنا لا استغناء عن الدعاء الوارد في زيارة أمين الله: "اَللّـهُمَّ فَاجْعَلْ نَفْسى مُطْمَئِنَّةً بِقَدَرِكَ راضِيَةً بِقَضآئِكَ مُولَعَةً بِذِكْرِكَ" لأنّ فيه طلب الاطمئنان, والولع بذكره سبحانه, فما إن استأنستِ بذكر الله تعالى –مناجاة أو صلاة أو دعاء- إلاّ وقد أحبكِ الله, ومن يحبه الله كان من خلّص عباده, روي عن الإمام عليّ (عليه السّلام): "إذا رَأَيتَ اللهَ سُبحانَهُ يُؤنِسُكَ بِذِكرِهِ فَقَد أحَبَّك" غرر الحكم : 4040.
4/ أحيانًا موت عزيز علينا يؤدي إلى الإصابة بنوعٍ من الجزع الخفي, وذهولٍ ذهني, وشغفٍ انسي, واعراضٍ إلهي.
وهنا يجب تفعيل جرس التسليم المطلق لله تعالى بأنّا جميعًا ملك الله تعالى, وإنّا إليه راجعون.
5/ إنّ جعل حب الله تعالى مقرونًا بحب الآخرين بنفس الدرجة, وإن كانوا أرحامًا, يؤدي إلى غياب شمس المحبة الإلهية, وشروق شمس المحبة الإنسية.
وهنا يجب إزالة هذا الصدأ عن سطح القلب, حتى يلمع ببريق حب الله تعالى, بمجرد استشعار المراقبة الإلهية.
ولابد من تفعيل جرس الإخلاص في المحبة لله تعالى أولاً وبالذات.
6/ إنّ الانقطاع عن مجالس العلم التي تذكِّر بالله تعالى, والتدبر في كتابه, والأدعية المقربة لرضوانه هو سبب مهم في الجفاف الروحي, لذا لابد من تنظيم وقتك والتزود من زاد القلوب ليذيب حالة الضيق والخناق.
6/ أحيانًا الانشغال بالتفكير بأمرٍ أو أمور, أو بأداء عمل مهم, يؤدي إلى عدم الاطمئنان القلبي بالتأمل في مفردات العبادات؛ لانهماك الجسد في العمل, فحينما يأتي وقت العبادة فإذا بالكسل والخمول والضيق منها, بل حتى الادبار أحيانًا.
أو فكرة أكثر من وقتها وحجمها, وضرورة عدم خلط أمور العمل بالعبادة, ومعرفة أنّ عمل بلا توفيق مهما شغل من الساعات التفكير به.
هذا جلّ ما أستطيع خدمتكِ به, حروفٌ قاصرة, إن شاء الله تعالى تهب على روحكِ نسيم الاطمئنان والرضوان, وتسقيها كأسًا من ماء محبة الودود الرحمن.
وأكرر اعتذاري على التأخر في الرد؛ لزخم الرسائل الواصلة لي من المؤمنات أمثالكِ, لكن لعلّ الله تعالى شاء أن يكون الرد في هذا الشهر المبارك, شهر بناء الذات روحيًا, لتكون مؤهلة لشهر رمضان.
وآخر المطاف لا يسعني سوى الدعاء لكِ يا عزيزتي بانشراح الصدر, والتميّز بين البشر, بالوصول إلى الكمال الميسر.
والحمد لله رب العالمين, وصل اللهم على محمدٍ وآله الطاهرين.
علوية الحسيني
٤/ رجب/ ١٤٤١هـ.
191 viewsمودة آل البيت , 20:34