Get Mystery Box with random crypto!

{ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ فَعَلُوا۟ مَا یُوعَظُونَ بِهِۦ لَكَانَ خَیۡ | زاد الطريق

{ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ فَعَلُوا۟ مَا یُوعَظُونَ بِهِۦ لَكَانَ خَیۡرࣰا لَّهُمۡ وَأَشَدَّ تَثۡبِیتࣰا﴾
﴿وَإِذࣰا لَّـَٔاتَیۡنَـٰهُم مِّن لَّدُنَّاۤ أَجۡرًا عَظِیمࣰا}
{وَلَهَدَیۡنَـٰهُمۡ صِرَ ٰ⁠طࣰا مُّسۡتَقِیمࣰا﴾


ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به أي: ما وُظِّف عليهم في كل وقت بحسبه، فبذلوا هممهم ووفروا نفوسهم للقيام به وتكميله، فمِن فعلِ مانُوعظ به أن نهتم بوظيفة كل ساعة، وأن نجمع قلوبنا على القيام بها وتتميمها دون التفكير في غيرها مما لم يتوفر.

من أمثلة ذلك: 

•• أنت تصلي فريضة العشاء، فلا تفكر أثناءها في التراويح، بل ابذل جهدك لتتميم صلاة الفريضة بخشوعها وأركانها وواجباتها، فهي وظيفتك في هذا الوقت.

•• أنت تقول أذكار المساء فلا تفكر أثناء ذلك بوردك القرآني مثلا وتحمل هم متى سأنتهي منه، فهذه وظيفتك في هذا الوقت.

••  نفسك تشتاق للحرم، أو للصلاة في المسجد، وعندك أبناء يحتاجون رعايتك؛ فقم برعاية أبنائك، فهذه وظيفتك في هذا الوقت.


•• تريد أن توصل الحق للخلق، وعندك قدرة على الكتابة، لكن لايوجد عندك أي وسيلة للنشر؛ فلا تقل لن أكتب إلا إن وصل ما أكتبه للجميع، فبهذا تغلق على نفسك باب نفع، وتعرض نفسك للفشل حين يتوفر السبب، اكتب على الأوراق، فهذا هو السبب المتوفر لك.


افعل ماتوعظ به، والذي توعظ به هو وظيفة الوقت الذي توفرت أسبابه.

بأخذك بالسبب الذي يفتح لك تظهر لله صدقك بأنك تبذل بالمتوفر.

لاتفوت الفرص التي أمامك مهما صغرت، ثم يفتح الله عليك بعدها بالتدريج، وهذا يكون أنفع لك.

لاتجعل نفسك تطمح لأمور لم تتوفر أسبابها فتجد نفسك لا فعلت هذا ولا ذاك، فالذي ينبغي للعبد أن ينظر إلى الحالة التي يلزمه القيام بها فيكملها، ثم يتدرج شيئًا فشيئًا حتى يصل إلى ما قدر له من العلم والعمل في أمر الدين والدنيا، وهذا بخلاف من طمحت نفسه إلى أمر لم يصل إليه ولم يؤمر به بعد، فإنه لا يكاد يصل إلى ذلك بسبب تفريق الهمة، وحصول الكسل وعدم النشاط.

الرجاء في الزيادة من الخيرات مطلوب؛ لكن هذا يكون عندما تقوم بالأسباب المتوفرة، وهذا نوع اختبار من الله، فربِّ نفسك على تهذيب طموحك وترشيده كما ينبغي، وبعدها يوسع الله لك، وانظر كيف ربى الله أنبياءه على تربية الغنم أولا.


إذا فعلت في كل وقت وظيفتك فيه، وربيت نفسك على الاهتمام بها، والإحسان فيها فأبشر من الله بحصول أربعة أمور:

(أحدها): الخيرية في قوله: ﴿لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ أي: لكانوا من الأخيار المتصفين بأوصافهم من أفعال الخير التي أمروا بها.


(الثاني) حصول التثبيت والثبات وزيادته، فإن الله يثبت الذين آمنوا بسبب ما قاموا به من الإيمان، الذي هو القيام بما وعظوا به،

فيثبتهم في الحياة الدنيارعند ورود الفتن في الأوامر، والنواهي، والمصائب، فيوفقون لفعل الأوامر، وترك الزواجر التي تقتضي النفس فعلها، وعند حلول المصائب التي يكرهها العبد يوفقون  للصبر أو للرضا أو للشكر، وتنزل عليهم معونة من الله للقيام بذلك، ويحصل لهم الثبات على الدين عند الموت، وفي القبر.

وأيضا فإن العبد القائم بما أمر به لا يزال يتمرن على الأوامر الشرعية حتى يألفها ويشتاق إليها وإلى أمثالها، فيكون ذلك معونة له على الثبات على الطاعات.

افعل ما توعظ به فيزيدك الله ثباتا عند الشبهات والشهوات، فالشبهات تذهب العلم، والشهوات تذهب إرادة الخير، فإن لم يثبتك الله تهلك.


(الثالث):﴿وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا﴾:

أي: في العاجل والآجل الذي يكون للروح والقلب والبُدن، ومن النعيم المقيم مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وقد قال سبحانه: {من لدنا} إشارة لعظمة هذه العطية، ثم زاد في تعظيمها فقال: {أجرا عظيما} ، وما يصفه الله بالعظمة لابد أن يكون في غاية العظمة، فماذا تريد بعد هذه البشرى لتثبت على وظيفة الوقت؟!

وهذا لا ينافي الرجاء في الله بالزيادة، لكن دائما اجعل رجاءك في القبول أولا، ثم تأتي التوسعة من الله.


(الرابع): الهداية إلى صراط مستقيم. وهذا عموم بعد خصوص، لشرف الهداية إلى الصراط المستقيم، فشرف عظيم أن يهديك الله إلى الصراط المستقيم، لأنك ستكون عالما بالحق، محبا للحق، عاملا بالحق، مؤثرا للحق، كأنه يقول: ستكون أسعد الناس، لأنك ستهدى في كل مسألة إلى الخير، فمن هُدِيَ إلى صراط مستقيم فقد وُفِّقَ لكل خير، واندفع عنه كل شر وضير.

فعلك ماتوعظ به في حقيقته وفي نتيجته طاعة لله وللرسول ﷺ .

قواعد تربوية 5.