Get Mystery Box with random crypto!

أمر قد لا نشعر بخطره: قال تعالى: ﴿إِنۡ هِیَ إِلَّاۤ أَسۡمَاۤ | زاد الطريق

أمر قد لا نشعر بخطره:

قال تعالى: ﴿إِنۡ هِیَ إِلَّاۤ أَسۡمَاۤءࣱ سَمَّیۡتُمُوهَاۤ أَنتُمۡ وَءَابَاۤؤُكُم مَّاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَـٰنٍۚ إِن یَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَمَا تَهۡوَى ٱلۡأَنفُسُۖ﴾ [النجم ٢٣]


أي: أنتم سميتموها بأنفسكم، واستندتم في تسميتها على ما تهواه نفوسكم، وأمانيكم التي تحبونها وتعيشون في غرورها.

وهنا نشعر بالخطر تجاه مسألة تسمية الأشياء بأسماء لاحقائق لها،
يسمي الإنسان اسما، ثم يشكل له وجودا، ثم يجعل حوله ظنونا يحشيها بما تهواه نفسه، ثم يعظمه وينتظر منه، ويستسلم له، ويرتب أمورا عليه، ويصفه بأوصاف، ثم إذا ووجه بحقيقة أنه أوهام وظنون لا قيمة لها يتمنى أن لا تكون هذه النصيحة صحيحة، لأنها مخالفة لما يهواه، ويحاول أن يجد مخارج حين يواجه بالحقيقة.

مثال ذلك:

يذهبون مع أولادهم يوم العيد إلى المزار، وهذه الزيارة فكرة سموها ما أنزل الله بها من سلطان، ثم حشوها بظنون بأنها تنفعهم بكذا وكذا من الأمور، {إن يتبعون إلا الظن}، ثم أصبحوا يهوونها لأجل ذلك، { وما تهوى الأنفس}، ويجتمعون عليها مودة بينهم، وينافحون ويدافعون عنها حين يناصحون ويواجهون بأنه لاقيمة لها.

والأمر الخطير أنه ينشأ عند الصغير مشاعر بسبب لحظات السعادة تلك التي أخذها من الاجتماع والفرح، وتصبح لهذه اللحظات ذكريات يهواها، ويتوارث حبها من آبائه، وهكذا ينتقل الباطل من الكبار إلى الصغار.


وهذا ليس حكرا على المزارات، بل قد يكون ذلك في الأفكار أيضا، ولنضرب لذلك مثالا بالشيوعية:

هذه  فكرة سموها، وظنوا أنها ستحل مشكلة الفقر، وأنه سيحصل بها مساواة بين الناس، فهذه كلها ظنون اتبعوها {إن يتبعون إلا الظن}، ثم أصبحوا يهوونها لأنهم وضعوا عليها آمالا بأنها حلا لمشاكلهم { وما تهوى الأنفس}،ثم أصبح لهم مصالح من ورائها فأخذوا يروجون لها، ودخل الناس فيها، وأخذوا يحاربون لأجلها وينتصرون لها، فكانت مثالا  لأسماء سموها بناء على الظن وماتهوى الأنفس وهي لا قيمة لها.


هكذا الإنسان إذا ابتدأ بفكرة وضع عليها آماله، وجعلها حلا لمشاكله، وتمناها وأصبحت هوى في نفسه، ثم أصبح هناك اجتماعات حولها، ثم إذا نوصح بشأنها تمنى أن لا تكون هذه النصيحة صحيحة، وبحث لنفسه عن المخارج ليبقى فيما هو فيه مما ألفه. 
ولذلك يقول تعالى: { أم للانسان ماتمنى}؟ يعني يجب أن تطلب الحق وإن خالف ماتتمناه، فالحق لايجري على إرادتك، بل على إرادة الله، وكل هوى لايخضع لإرادة الله فهو مما تتمناه النفس، فإذا لم يؤدب الإنسان نفسه بهذا فإنه سيعرض عن كل ما لايوافق هواه من الشريعة، وسيأخذ منها مايوافق هواه فقط.

وعلى ذلك فلنفتش في الأسماء التي سميناها، فكل إنسان يتبنى فكرة عليه أن يعرضها على الحق، فإن وافقت الحق فالحمد لله، وإن لم توافق الحق فليخرج من تأثيرها عليه ومما يحبه منها.

ليست المسألة هنا مسألة فقهية، إنما هي أكبر من ذلك بكثير، هي مسألة حق وباطل، فلا بد من حمل النفس على الاستسلام للحق حتى تتخلق بهذا الخلق.




قواعد تربوية ٢٧