Get Mystery Box with random crypto!

الذكر الحقيقي إذا قوى العبد في قلبه ذكر الله لابد أن ينفذ من | زاد الطريق

الذكر الحقيقي

إذا قوى العبد في قلبه ذكر الله لابد أن ينفذ من هذا الذكر إلى ذكر لقاء الله، فإن مضمون ذكر الله:

1- الالتفات إلى الله عز وجل، والاعتناء برضاه، والرغبة فيما عنده.

2- وأيضا مضمون ذكر الله تذكر لقاء الله تعالى.

هذا من أعظم مصالح الذكر، لذا كان على العبد أن يحرص على أن يديم الذكر حتى ينفذ منه لذكرى الدار الآخرة، و ذكر لقاء الله.

وقد أمرنا الله أن نذكر من اتصف بهذه الصفة، فقال سبحانه:

﴿وَٱذۡكُرۡ عِبَـٰدَنَاۤ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ وَإِسۡحَـٰقَ وَیَعۡقُوبَ أُو۟لِی ٱلۡأَیۡدِی وَٱلۡأَبۡصَـٰرِ ۝٤٥
إِنَّاۤ أَخۡلَصۡنَـٰهُم بِخَالِصَةࣲ ذِكۡرَى ٱلدَّارِ ۝٤٦
 
{أُو۟لِی ٱلۡأَیۡدِی وَٱلۡأَبۡصَـٰرِ } : أي القوة في العبادة والعمل وإقامة الحق، والقوة في البصيرة في حقائق الأمور. ( لهم أعمال، ولهم بصيرة في معرفة ربهم)

{إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ}: هذه الجملة تفهم على وجهين:

الأول:  أن الله عز وجل أخلصهم وخلصهم من حظوظ نفوسهم، فكانوا خالصين بالمحبة الحقيقية لله بسبب ذِكْرَى الدَّارِ، أي بسبب تذكرهم للدار الآخرة، فتذكرهم للدار الآخرة كان سببا لأن يتخلصوا من الالتفات إلى الدنيا ويقبلوا على رب العالمين.

الثاني: ويمكن أن تفهم هذه الجملة أنهم خصوا بخصيصة، صفة خاصة بهم مختلفة عن غيرهم، وهي أنهم يذكرون الدار الآخرة دوما، وهذا التذكر يدفعهم للعمل الصالح.

وكلا الأمرين يوصلانا إلى أمر مهم، وهو أن ذكر الله عز وجل الذي يوصل نفوسنا إلى التفكير في لقائه هو الذي يصفي النفس، ويصرفها إلى الخير، وينزع منها غلبة هواها،  فلايبقى فيها إلا نزعات خفية، تقلع وتبتعد عن المؤمن سريعا بمجرد خطورها على ذهنه. 

كثرة ذكر الله سبب لذكر الدار الآخرة، وحين يبقى العبد ذاكرا للدار الآخرة سيقبل عليها، أما حين ينسى الدار الآخرة فكل أعماله البدنية يمكن أن تكون موجودة؛ لكن القلب متعلق بالدنيا.

  لذا كان لقاء الله والآخرة من أعظم مايذكر، وكان أعظم الصفات للذاكرين أن يكونوا ذاكرين لرب العالمين، ذاكرين للقائه عز وجل، فيقوى بذلك ذكر الله الحقيقي.

نسأل الله أن يرزقنا ذكرا حقيقيا له، ذكرا للقائه يبقى على بالنا، فيكون سببا لطهارة نفوسنا، وهذا والله من أعظم مصالح هذه العشر؛ أن يكون الإنسان ذاكرا بلسانه رب العالمين، مقبلا بقلبه عليه حتى يبدأ باستشعار لقاء الله، ويستعد لهذا اللقاء العظيم الذي ليس فيه إلا فوز أو خسارة، فيلهج بتكبير الله، وتعظيم الله، وحمد الله، رغبة منه في رضى الله، حتى إذا لقيه لم يكن مستوحشا في ذلك اللقاء، فإن لقاء رب العالمين لم يَغِب عن باله، و ذكرى الدار الآخرة دائما على باله، فلا وحشة، بل فرح وحب لهذا اللقاء ورغبة لأن يكون أحسن ما يكون. 

لماذا أمرنا الله بذكرهم؟

لِأنَّ ذِكْرَهم يُكْسِبُ الذّاكِرَ الِاقْتِداءَ بِهِمْ في إخْلاصِهِمْ، ورَجاءَ الفَوْزِ بِما فازُوا بِهِ مِنَ الِاصْطِفاءِ والأفْضَلِيَّةِ في الخَيْرِ.

فضل عشر ذي الحجة. ١٤٤٤ ه