Get Mystery Box with random crypto!

#الفتوى_رقم_3201 د. يوسف الرخمي. ❃ #الثقافة_الإسلامية ❃ | فتاوى د. يوسف الرخمي

#الفتوى_رقم_3201

د. يوسف الرخمي.


❃ #الثقافة_الإسلامية ❃ #شبهات_وردود ❃
حكم الاحتفال بما يسمى (عيد الغدير)


السؤال:
- يحتفل بعض الناس في يوم 18 من ذي الحجة كل عام بمناسبةٍ يسمونها (عيد الغدير)، ويقولون إنه في هذا اليوم خطب النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه، وذكر لهم من هو الخليفة من بعده وهو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأخذ البيعة له من جميع الصحابة، فهل هذا الكلام صحيح؟ وما هي قصة الغدير أصلا؟ وهل هذه المناسبة موجودة فعلا في المذهب الزيدي؟ تكرموا بالتفصيل حول المسألة جزاكم الله خيرا فقد كثر فيها النقاش والكلام.


الإجابة:
- هذا موضوع طويل، ولا يمكن استيعاب كل الكلام المتعلق به في هذه السطور القليلة؛ نظرا لسياسة القناة القائمة على الاختصار، وتجنّب الأبحاث المطوّلة، ولكني سأختصر الكلام حول جوهر الموضوع من خلال النقاط التالية:

قصة الغدير ذكرها غير واحد من المؤرخين، وخلاصتها -كما روى ذلك ابن كثير في (البداية والنهاية) وغيره- أنه لما أقبل علي رضي الله عنه من اليمن ليلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة تعجّل إلى رسول الله قبل أصحابه، واستخلف على جنده الذين معه رجلا من أصحابه، فعَمد ذلك الرجل فكسى كل رجل من القوم حُلّة من البزّ الذي كان مع علي، فلما دنا الجيش خرج عليّ رضي الله عنه ليلقاهم فإذا عليهم الحُلل، فقال لنائبه: ويلك ما هذا؟ قال: كسوت القوم ليتجمّلوا به إذا قدموا في الناس. فقال: ويلك، انزع قبل أن ينتهي الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فانتزع الحُلل من الناس فردّها في البزّ، وعنّف نائبه ولامه على ما فعل، فأظهر الجيش التذمّر والشكوى، واختلفوا معه، وتوعّدوا أن يخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لاقوه من الغلظة والشدة، وكان علي رضي الله عنه قد خص نفسه بجارية من السبي ووقع عليها أثناء الطريق، فكأنهم غضبوا حين أخذ هو شيئا من الغنيمة ومنعهم منها، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثروا من الكلام على علي وأغلظوا عليه في القول، فترك النبي صلى الله عليه وسلم الحديث عن هذه المشكلة حتى انتهى موسم الحج وعاد مع أصحابه إلى المدينة، وفي الطريق بين مكة والمدينة في مكان يجتمع فيه الماء يسمى (غدير خُمّ) قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا في أصحابه الذين قدموا معه من المدينة مدافعا عن علي رضي الله عنه، ومبيّنا خطأ من وقعوا فيه وتكلموا عليه، ثم قال: (من كنت مولاه فهذا علي مولاه)، ولهذا اشتهرت هذه القصة باسم غدير خُم، وسيأتي الكلام حول الاستدلال بهذه الرواية.

ليس في مذهب زيد بن علي ما يسمى بعيد الغدير، ولم يحتفل بعيد الغدير أحد من الزيدية في اليمن منذ أن أتى الهادي يحيى بن الحسين إلى اليمن في نهاية القرن الثالث وحتى أواخر القرن الحادي عشر الهجري، ولم يبدأ الاحتفال بذلك إلا في نهاية القرن الحادي عشر عام 1073هـ في عهد المتوكل على الله إسماعيل بإشارة من أحد أمرائه كما ذكر ذلك المؤرخ يحيى بن الحسين في كتابه المُسمى (بهجة الزمن) فقال: (وفي هذه السنة ابتدأ أحمد بن الحسن بشعار يوم الغدير في ثامن عشر من ذي الحجة بنشر الأعلام والألوية، والمتوكل اقتدى به ففعله من بعد وهو بحبور)، وأما خارج اليمن فأول من فعله: معز الدولة بن بويه أحد أمراء دولة بني بويه في بغداد سنة 352هـ، كما ذكر ذلك ابن كثير وغيره.

يتبين مما سبق أن ما يسمى بعيد الغدير بدعة منكرة لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه، ولا فعلها علي رضي الله عنه ولا أحد من أبنائه، ولا فعلها زيد بن علي ولا أحد من أبنائه، وأنها اختراع من بعض المتعصبة في اليمن بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بألف ومائة سنة، ومن زعم أن أحدا فعلها في اليمن قبل هذا التاريخ فليأتنا بالدليل، ويكفي في قبح هذه البدعة أن مؤسسها دولة بني بويه تلك الدولة الشيعية المارقة المتعصبة التي فتحت على المسلمين شرورا عظيمة ببغداد.

القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه في غدير خُم كذبة عظيمة، وفِرية قبيحة اخترعها قوم من الغلاة المتعصبين الذين لا ورع عندهم ولا تقوى، ونتيجة لبدعتهم الشنيعة هذه يسمون عليا رضي الله عنه بـ (الوصي) أي: الذي أوصى له نبينا صلى الله عليه وسلم بالخلافة بعده، وأسوأ ما في هذه الكذبة أنها تطعن في صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وهم عشرات الألوف بأنهم جميعا تعمّدوا مخالفة نبيهم، وتعمّدوا معاداة علي رضي الله عنه، إلى جانب أنها فكرة دخيلة على ديننا وشريعتنا التي لا تقيم وزنا للأنساب والأحساب، وإنما المعيار فيها (إن أكرمكم عند الله أتقاكم).