2022-06-18 04:01:24
القسم الأول
أسئلة قبلية:
– ما هي الآيات؟ وكيف يمكن أن نطبق مفهومها على آيات القرآن الكريم؟
– يعيش بعضنا عمرا طويلا ولا يلتفت إلى الأحداث الشاهدة بالحقائق التي في كتاب الله من حوله، فما سبب هذه الغفلة؟
– هل صحيح أن الإنسان إذا انشغل بأمور حياته يصير من الصعب عليه أن يستوعب مجالات متعددة مما حوله من متغيرات الحياة المتجددة؟
– {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ} ماذا تحمل لنا هذه الآية من هدى؟
– ما مصير من عاش في هذه الدنيا وهو لا يحاول أن يستفيد مما يحصل فيها ويأخذ منه العبرة؟
– لماذا وبخ الله بني إسرائيل في كثير من آياته الكريمة على كثير مما كانوا عليه؟
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 10/2/2002م
اليمن - صعدة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله،
الله سبحانه وتعالى يصف كتابه الكريم بأنه آيات {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ} (يونس: من الآية1) تكررت هذه الكلمة كثيرًا في القرآن الكريم تصف القرآن الكريم بأنه آيات، الآيات معناها: أعلام، معالم، حقائق، كلما في القرآن الكريم هو حقائق لا شك فيها {لا رَيْبَ فِيهِ} (البقرة: من الآية2) لا مرية فيها أبدًا.
من تلك الآيات قول الله سبحانه وتعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} (البقرة: من الآية120) هذه آية، أي هذه حقيقة لا تتخلف {لَنْ تَرْضَى عَنْكَ} بـ[لن] النافية، لن يرضوا عنك أ بدًا مهما عملت لهم، مهما قدمت لهم، مهما أظهرت من حسن نوايا معهم، مهما أظهرت من تعاون معهم، إنهم لن يرضوا عنك أبدًا.
ولن ترضى عنك اليهود، ولن ترضى عنك أيضًا النصارى حتى تتبع ملتهم، فتكون كواحد منهم صريحًا، تتبع ملتهم، وهم لن يعترفوا بك أنك قد أصبحت متبعًا لملتهم إلا بعد أن يتأكدوا منك أنك قد تخليت عما أنت عليه، عن ملتك التي أنت عليها، وعن أمتك التي أنت منها.
اليهودي هنا في اليمن يرى أن أمته التي هو مرتبط بها هم أولئك اليهود المنتشرون في أقطار الدنيا، نفسه مشدودة إلى إسرائيل وإن كان هنا في اليمن، ولد في اليمن، ونشأ في اليمن، ويتحدث بلغة اليمنيين، وله صداقات مع بعضهم، لكنه يرى هو أنه مرتبط بأولئك، هؤلاء ليسوا هم أهل ملته وبالتالي فليسوا هم الأمة التي يعتبر نفسه واحدًا منها.
فعندما يقول الله سبحانه وتعالى: {حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} معناها أيضًا - فيما نفهم - أنه أيضًا هم لن يقبلوا منك إلا أن تتخلى عن ملتك التي أنت عليها، وعن أمتك التي أنت منها، هذه حقيقة، آيات الله حقائق، وفي نفس الوقت سيأتي الواقع يكشفها، فيقول في آية أخرى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (فصلت:53)، سنريهم آياتنا سواء كانت آيات جديدة، أو شواهد على آياته، شواهد تكون هي مصاديق لما نطقت به آياته داخل كتابه الكريم، {فِي الْآفَاقِ} في آفاق الدنيا، في أقطار السموات والأرض {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} يتبين هو، يظهر، تظهر الحقائق بشكل تفرض نفسها على كل من يعاند، حقائق تتجلى للناس الفاهمين، وتفرض نفسها أيضًا حتى على المعاندين فيقطعون بأن تلك الآيات هي الحق، ويقطعون أن هذا الكتاب الكريم هو الحق، ويقطعون بأن هذا الدين هو الحق، ويقطعون بأن كل ما أخبر الله عنه هو حق، مع الزمن سنريهم آياتنا مع الزمن في الآفاق وفي أنفسهم، الكثير من المتغيرات تحدث على يد الإنسان نفسه، فتبرز الشواهد، نحن قلنا في دروس سابقة أنه ما من شيء إلا ويحدث فينا ما يشهد له، ما من شيء من الأشياء التي هي آيات من آيات الله، أمر من دين الله، ونحن لا نكاد نصدق به، أو نحن نستبعده، أو قد نرفضه، هناك في واقعنا وفي ممارساتنا، وفي تصرفاتنا ما يشهد بأنه الحق، لكن المشكلة عندما يكون الإنسان في هذه الدنيا يعيش عمرًا طويلًا سنة بعد سنة، وفي السنة الواحدة كم تحدث من متغيرات، كم تحصل من أشياء، من أحداث تشهد بصدق ما أخبر الله به، تشهد بالحقائق التي داخل كتاب الله الكريم، ولكن لا يلتفت الإنسان إليها، لا يلتفت إليها، يكون في واقعه معرض، والإنسان الذي يضع لنفسه برنامجًا معينًا في هذه الدنيا يأخذ عليه كل ذهنه، وكل اهتمامه، لن يبصر الأشياء الأخرى بالشكل الذي يفيده فيزيده بصيرة، ويزيده معرفة، ويزيده هدى ونور.
فيما أتصور هكذا حياتنا، كل واحد منا يضع لنفسه برنامجًا معينًا مرتبط بأمور معيشته، إما أنه قد قرر أن يشتغل في التجارة، فهو يفكر في الدكان، ويفكر في البضاعة من أين يأخذها، وهكذا ذهنه معظمه يتجه إلى هذا الجانب، أو يفكر في أن يبيع ويشتري في [القات] مثلًا ليله ونهاره تفكيره حول موضوع القات، أو يفكر في الزراعة.
615 views01:01