2019-11-04 17:19:45
إذا استطعت أن تفهم كيف تولد الأنا، فسوف تعرف سر إذابتها .. إن عملية الفهم ذاتها لنشوء الأنا تصبح حرية.
تولد الأنا من خلال الإنعكاسات، فأنت ترى انعكاسك في عيون الآخرين، وفي وجوههم، وفي كلماتهم، ثم تمضي في مراكمة تلك الإنعكاسات، غير مدرك من تكون أنت، وعليك أن تبحث عن هوية .
إن أول شيء يجب أن تفهمه : هو أنه لا يوجد أحد يعرف نفسه من خلال المرايا، لأن المرايا ستقوم بدور المترجم، والحقيقة أن المرآة لن تُظهر لك من أنت. المرآة ببساطة تقول من هو الذي ينعكس لك..
كل الذين يحيطون بك هم مرايا تعكس، هذه المرايا لا تقول أي شيء عنك، إذ كيف تقول شيئاً عنك؟
أنت نفسك لا تعرف شيئاً عن نفسك!
إن الأنا هي تراكم انطباعات، وظلال، وانعكاسات..
ومع هذه الأنا التي تعيش معها، فإنك تعيش في جحيم. وما لم تتخلَّ عن هذه الأنا، فإن باب الدخول إلى الجنة سيظل مغلقاً ..
غير أني لا أقول ألّا تحاول التخلي عنها، لأن من سيتخلى سيكون هو نفسه : الأنا :)
فبعد ذلك ستكسب أنا ماكرة، إذ تقول : " لقد تخليت عن الأنا" وستنظر حولك مجدداً لترى كيف يشعر الناس. سيقولون :" لم نرى من قبل مثل هذا الشخص المتواضع" وسوف تجني الإنطباع بأنك الشخص الأقل أنانية، وبأنك جميل جداً، ومتواضع للغاية، وليس لديك أي أنا .. ثم تواصل تجميع الإنطباعات ..
في الحقيقة، لا تستطيع التخلي عن الأنا، وإنما تستطيع أن تفهمها فقط
كما أنه لا داعي للتخلي، لأنه لا يوجد شيء لكي تتخلى عنه! إنها مجرد ظلال
عليكم أن تفهموا كيف قمتم بتجميع هوية ذاتكم، وكيف قمتم بتجميع صورة ذاتكم، وصورة الذات هذه مشوّشة لأنكم قمتم بتجميعها من مصادر عديدة، ومتعاكسة، ومتناقضة بكل معنى الكلمة، وبالتالي أنتم دائماً مجرد حشد، وليس اتحاداً
لا تستطيع التخلي عن الأنا، وإنما باستطاعتك فقط أن تنظر إليها، وتراقبها، وتفهمها .. وما إن تفهمها، ستشعر على حين غرّة أنها سقطت.
لن تستطيع إسقاطها! ولكن إذا فهمتها، فلن تعود موجودة..
إنها تشبه العتمة تماماً؛ فإذا أتيت بشمعة، فلن تعود العتمة موجودة ..
إذا أتيت بالفهم، سيحضر النور، وتزول الأنا، ويختفي الظل ..
عندما تتلاشى الأنا فإنك تصبح للمرة الأولى كياناً متكاملاً، ويتخلص وعيك ولا وعيك من القيود ببساطة ..
فالقيود هي بسبب وجود الأنا، إن الجزء المقبول من الأنا قد أصبح وعياً لأنك تتقبله؛ ويمكن أن يظهر على السطح، أما الجزء المرفوض من الأنا، ولأنك ترفضه، فإنك ترميه بعيداً، فإلى أين سيذهب؟ .. سوف يغوص عميقاً في داخلك، والحقيقة أنه لا توجد عتمة، فالمسألة هي أنك فقط تقف وظهرك باتجاه الجزء المرفوض.
بمجرد أن تفهم أن الأنا ما هي إلا حشد من ملايين الإنطباعات.. وأن الأجزاء المرفوضة والمقبولة هي ذاتها، فكلاهما زائف .. ولكي تفهم أن الأنا زائفة، وأنها حشد، فسوف يختفي الحشد فجأة، ويتلاشى الزيف ..
في لحظة واحدة تذوب الحدود بين الوعي واللاوعي، ويحدث اندماج يشبه الفيضان ...
من كتاب الحبيب #أوشو
"حتى تموت" ..
22.7K views14:19