2021-06-30 01:34:11
هل تحللتِ قبل الحساب؟
للكلمة سطوة على قلوب العباد
فقد تأخذك لعنان السماء وتملأ قلبك بالفرح والسرور
وقد تنزل بك للقاع فتجرح روحك وتكسرك
فهل فكرتِ بأي الفريقين أنت؟
وهل سعيت لجبر القلوب المجروحة وتحللتِ منها قبل الحساب؟
فأيا كانت نواياك، تبقى نتيجة كلماتك في الميزان
قلب فرح سعيد
أو قلب حزين كسير
ويظل الحال هكذا حتى اللقاء أمام رب العباد
فيحكم بينكما ويرد الحقوق لأصحابها
حق العباد من العباد،
وحق رب العباد من العباد
فهل تحللتِ من حق العباد؟
وتبتِ إلى الله من حق رب العباد؟
كل هذا خطر ببالي حينما علمت بوفاتهما بعد إصابتهما بفيروس كورونا، الفيروس الذي كشف كثيرا مما بالنفوس .
احداهما أخت ذات قدر ومكانة عند من حولها
أصيبت بالفيروس وكان يبكيها الجميع فهي لم تتحمل المرض ،
أما أنا فقد شعرت بألم وانكسار ثم بدأ شريط من الذكريات يمر أمامي وقلت لعل الله يطهرها بهذا المرض مما فعلته بي.
لا أعلم حقيقة مشاعرها نحوي وهل أحبتني يوما أم لا؟
لكن سلوكها معي وكلامها عني كان يؤذيني
وللأسف كان من حولها يثقون بكلامها ،
وكان هناك من ينشر مثل هذه الأفكار، فأفسدت علاقتي بكثير من الناس
وقطع بعضهم التواصل معي من أجلها .
وجائتني احدى الأخوات يوما وقالت: صراحة ظننتك غير ذلك، فما سمعته عنك جعلني أنفر منك ولا أريد التعامل معك، لكن حينما تعاملنا معا أحببتك ووجدتك غير ما سمعت.
وحينما توفاها الله،
خطر ببالي شيء لم استطع تخيله،
كيف سأقف أمامها يوم الحساب حين يسألها الله عما فعلته معي.
وشعرت بالألم لأنها ماتت قبل أن تصلح ما أفسدته يداها.
وبعد صراع مع نفسي، بالنهاية دعوت الله أن يغفر لها، فلعلني أنا أيضا في حاجة لمن يدعوا لي.
أما الأخرى فحالها غير الأولى لعلمي بحبها لي واهتمامها بأمري ..
لكنها مع ذلك كانت تتحدث عني بإخبار من يتعامل معي بوجهة نظرها في شخصيتي ظنا أنها هكذا تساعدهم في التعامل معي
ورغم علمي بالأمر واعتراضي عليه لكني لم أدرك خطورة ما تقوله عني حتى أتتني احدى رفيقاتي وقالت: لقد كنتِ أبغض أهل الأرض لي وهربت من العمل معك، لكن بعدما جمع الله بيننا في عمل آخر أصبحت أحب الناس إلي ..
يومها فجعت من كلامها وسألتها: لماذا؟ ماذا فعلت لكِ؟
قالت: بسبب كلام فلانة أنك كذا وكذا.
وقتها حزنت كثيرا لكني جاهدت نفسي بإلتماس العذر لها ثم ابتعدت عن التي كانت تتحدث عني ..
حينما ننظر للقصتين، ندرك حكمة الله عز وجل في النهي عن سوء الظن والغيبة
{يأيها الذين ءامنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم} [الحجرات : ١٢]
ففي الآية بدأ الله سبحانه وتعالى كلامه بمناداة المؤمنين لينتبهوا لما سيخبرهم عنه
ثم جاء النهي عن الظنون كونها ليست من سماتهم
فكثرة الظنون دون دليل قاطع،
مع مرور الوقت ستتحول ليقين بتلك الظنون ،
ثم يتحول هذا اليقين إلى كلام وأفعال
فتجدي نفسك تتبعين غيرك وتتجسسين عليهم فيجعلك الشيطان تصدقين تلك الظنون وتنشرينها فتقعي بالغيبة من حيث لا تشعرين.
لذلك نهى الله عن الظنون من البداية موضحا إن بعض تلك الظنون فيها إثم.
ولو نظرنا للجانب الإنساني، لوجدنا لطف الله ورحمته بقلوب العباد
فالظنون تنهش القلب وتفسده، وحينما نفصح عنها وننشرها،
فغالبا تكون سببا في إننا نوغر قلوب الناس بعضهم ببعض،
فتفسد فيما بينهم وينتشر الكذب والنفور وأحيانا الحقد والبغض.
وتنكسر قلوب من ظننا بهم السوء ونؤذيهم.
لذلك قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: (إيَّاكم والظَّن، فإنَّ الظَّن أكذب الحديث، ولا تحسَّسوا، ولا تجسَّسوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا) [رواه البخاري]
وبالتالي كان الصحابة رضوان الله عليهم والسلف الصالح من بعدهم يحرصون أشد الحرص على حسن الظن، حماية لقلوبهم وحفظا لطيب علاقتهم مع إخوانهم.
وقد روي عن عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه: (لا يحلُّ لامرئ مسلم يسمع من أخيه كلمة يظنُّ بها سوءًا، وهو يجد لها في شيء من الخير مخرجًا)
فاحرصي على جبر القلوب قبل الرحيل والتوبة لله قبل الحساب فالظلم ظلمات يوم القيامة.
والغيبة معصية وذنب في حق الله قبل أن تكون في حق عباده
ولا يكفي التحلل ممن ظلمتيهم
بل يجب التوبة أيضا وإلا حاسبك الله عليها يوم الحساب ..
أسأله سبحانه أن يرزقنا وإياكم بحسن الظن ورد غيبة المظلوم وذكر الناس بالخير على الوجه الذي يحبه ويرضاه
سوزان مصطفى بخيت
رابط القناة
http://t.me/SuzanneBekhit
681 viewsedited 22:34