قال بعض الأيمة: فَإِنْ قِيلَ: اَلْمُعْتَزِلَةُ مُخْطِئٌ أَمْ مُبْطِلٌ؟ أَقُولُ وَبِاَللَّهِ اَلتَّوْفِيقُ وَالْعَوْنُ: كُلٌّ مَنْ خَالَفَ أَهْلَ اَلسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي اَلْاَعَتَقَادِيَاتْ فَهُوَ مُبْطِلٌ؛ لِأَنَّ اَلْخَطَأَ وَالصَّوَابَ يُسْتَعْمَلَانِ فِي اَلْمُجْتَهَدَاتِ، وَالْحَقُّ وَالْبَاطِلُ يُسْتَعْمَلَانِ فِي اَلْمُعْتَقَدَاتِ، حَتَّى إِذَا سُئِلْنَا عَنْ مَذْهَبِنَا وَمَذْهَبِ مُخَالِفِينَا فِي اَلْمُجْتَهَدَاتِ مِنَ اَلْفُرُوعِ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُجِيبَ بِأَنَّ مَذْهَبَنَا صَوَابٌ يَحْتَمِلُ اَلْخَطَأَ، وَمَذْهَبُ مُخَالِفِينَا خَطَأٌ يَحْتَمِلُ اَلصَّوَابَ، إِذَا لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِلْكِتَابِ أَوِ اَلسَّنَةِ اَلْمَشْهُورَةِ أَوِ اَلْإِجْمَاعِ أَوْ قَوْلاً بِلَا دَلِيلٍ؛ لِأَنَّا لَوْ قَطَعْنَا اَلْقَوْلَ بِعَدَمِ اِحْتِمَالِ اَلْخَطَأِ فِي مَذْهَبِنَا أَوْ بِعَدَمِ اِحْتِمَالِ اَلصَّوَابِ فِي مَذْهَبِ خُصُومِنَا لَمَا صَحَّ قَوْلُنَا: إِنَّ اَلْمُجْتَهِدَ قَدْ يُخْطِئُ، وَقَدْ يُصِيبُ. وَأَمَّا إِذَا سُئِلْنَا عَنْ مُعْتَقَدِنَا وَمُعْتَقَدِ خُصُومِنَا فِي اَلْمُعْتَقَدَاتِ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَقُولَ: اَلْحَقُّ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ، وَالْبَاطِلُ مَا هُوَ عَلَيْهِ خُصُومُنَا. هَكَذَا نُقِلَ مِنَ اَلْمَشَايِخِ . وَلِأَنَّ اَلْاَعَتَقَادِيَاتِ ثَابِتَةٌ بِالْأَدِلَّةِ اَلْقَطْعِيَّةِ مِنَ اَلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ اَلْأُمَّةِ، فَمُخَالَفَتُهَا بَاطِلَةٌ بِلَا شُبْهَةٍ، وَأَمَّا اَلْمُجْتَهَدَاتُ فَثَابِتَةٌ بِالظَّنِّ اَلْغَالِبِ؛ لِأَنَّ اَلِاجْتِهَادَ مِنَ اَلْمُجْتَهِدِ عَمَلٌ بِالرَّأْي وَالْقِيَاسِ، وَالْعَمَلُ بِالرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ يَحْتَمِلَانِ اَلْخَطَأَ عِنْدَ أَهْلِ اَلسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ. 549 viewsذاكر الحنفي, edited 22:42