Get Mystery Box with random crypto!

قال الله تعالى ' كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنه | Thakir Alhanafe ذاكر الحنفي

قال الله تعالى " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله".

فجعل الله تعالى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر من أهم مناطات خيرية هذه الأمة، وتقرَّر في عِلم الأصول أن ذِكر الحُكم مقرونا بالوصف المناسب له يدلُّ على كون ذلك الحكم مُعلَّلا بذلك الوصف، فهاهنا حَكَم الله تعالى بثبوت وصفِ الخيرية لهذه الأمة، ثم ذَكر بعد هذا الحكم هذه الطاعات، وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله، فوجب أن تكون تلك الخيرية مُعلَّلة بهذه العبادات.

وقال الله تعالى:" والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله".

فهذه الأمور الخمسة التي بها يتميّز المؤمن من المنافق ، فالمنافق على ما وصَفه الله تعالى في الآيات المتقدمة يأمر بالمنكر ، وينهى عن المعروف ، والمؤمن بالضد منه.

ولعَن الله تعالى الذين كفروا من بني إسرائيل بتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال" لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم؛ ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه".

وقد جعل الله تعالى عدم نجاة الأمم السابقة من العذاب بسبب عدم أمرِهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر إلا قليلا منهم، فقال:" فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم".

وقال الله تعالى في وصايا لقمان لابنه:" يا بنيَّ أقم الصلاة وأمُر بالمعروف وانه عن المنكر".

وقال الله تعالى " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس"

وقال: " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ".

فهذا المبدأ القرآني ركن أصيل في دين الإسلام، وبه تتحقق شريعة الله الباقية، وأما متى تأمر بالمعروف ومتى تنهى عن المنكر، وما هي طريقة الأمر والنهي، وما شروط ذلك وما صوره! فهذا بحث آخر تماما تكفَّلت به كتب الفقه.

المهم الآن هو أن هذا المبدأ حقٌّ في نفسه لا يصح التهوين منه بدعاوى فارغة بحال من الأحوال، بل هو من أصول شرائع الأديان الإلهية كلها كما تشهد بذلك نصوص القرآن الكريم، بل ما أنزل الله الكتب وأرسل الرسل إلا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ومحاولة الالتفاف على هذا الأصل القرآني المُحكَم بزعم أن التربية هي التعريف على الله وأن شيخك مَن يأخذك إلى مولاك لا من يأمرك وينهاك= تشريع للانحلال من ربقة الشريعة نفسها، وتسويغ للباطنية في أجلى صورها.

ثم الزاعم تعارُضَ التربية مع الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر عليه إقامة الدليل على ذلك، فهما ليسا متعارضين أصلا، بل من التربية أن يأمر الرجل مَن لهم عليه ولاية بالمعروف وينهاهم عن المنكر، فكيف يُجعل الذوق والتربية ونحو ذلك في طرفٍ مقابل للأمر والنهي!

ثم جعلُ الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر من خصائص الوُعَّاظ فاسد، بل الأمة كلها مأمورة به، وفق شرائط معينة مُبيَّنة عند أهل العلم.

على أنه ليس من الصواب أيضا ذمُّ الوعظ والوُعّاظ هكذا بإطلاق، كيف وهو من وظائف الأنبياء والدالِّين على الله سبحانه وتعالى، وإنما المذموم هو الجهل والكلام في دين الله وشرعِه بلا علم، أما الوعظ نفسه فغير مذموم، إلا إن زعم زاعمٌ بأن هناك ملازمة بين الوعاظ وبين الكلام في الدين بالجهل، وهو غير مُسلَّم أيضا.

والحاصل أن هذه الطريقة في التربية طريقة فاسدة جدا غريبة عن القرآن الكريم ومسالك العلماء وأهل المعرفة الحقيقيّين، هي نعم طريقة وأسلوب مناسبان للتوجه العلماني السائد، يمكن تسميتها بالتصوف العلماني أو الليبرالي أو أي شيء آخر مفارق لحقائق الإسلام وأصوله الكبرى.